زرع القرنية.. جراحةٌ تُخفف الألم وتُحسن جودة النظر
سنابل الأمل / متابعات
إن كان للإنسان أن يشكر ربه على جميع النعم التي أنعمها عليه، فليبدأ أولًا ودومًا بالشكر على نعمة النظر. فلولا هذه النعمة، ما تسنى لنا رؤية الأشياء بدقة، وما استطعنا القيام بأي عمل أو مهمة مهما كان حجمها.
وللحفاظ على هذه “النعمة”، ينبغي العناية بصحة العينين؛ من خلال الفحص الدوري للنظر وارتداء النظارات الطبية والعدسات اللاصقة حسب توجيهات الطبيب. مع الحرص على العناية بصحة القرنية والشبكة، لما لهما من دور كبير في تعزيز الرؤية السليمة.
في موضوعنا اليوم، نركَز على دور القرنية وأهميتها في عملية النظر؛ وعمليات زراعة القرنية التي يتم اللجوء إليها في حال عجز الأخيرة عن القيام بالمهام المطلوبة منها.
بدايةً… ما هي القرنية وما وظيفتها
بحسب الدكتور هرنان أوسوريو، استشاري طب وجراحة العيون في مستشفى باراكير للعيون دبي؛ القرنية هي السطح الشفاف على شكل قبة في مقدمة العين، وتلعب دورًا مهمًا في تركيز الضوء على شبكية العين. عندما تصبح القرنية غائمةً أو مُشوهة بسبب الإصابة أو المرض أو الظروف الوراثية، يمكن أن تصبح الرؤية ضبابية أو حتى تُفقد تمامًا؛ ما قد يتسبب في مشاكل بالرؤية، الإنزعاج وحتى العمى، وتُعرف هذه الحالة بإسم “تغيَم القرنية”.وفي هذه الحالات ، قد تكون عملية زراعة القرنية ضرورية.
قد تختلف أعراض تغيَم القرنية حسب السبب، لكن الأعراض الشائعة تشمل الآتي:
عدم وضوح الرؤية.
ألم أو انزعاج في العين.
الحساسية للضوء.
احمرار أو تورم العين.
ظهور هالات حول الأضواء.
انخفاض حدة البصر.
عمليات زراعة القرنية
المعروفة أيضًا باسم رأب القرنية، هي إجراءٌ جراحي لاستبدال أنسجة القرنية المُعتمة أو المريضة بأنسجة صحية من متبرع. ويمكن لهذا الإجراء مساعدة المريضة على استعادة الرؤية وتخفيف الألم وتحسين نوعية حياته بشكل كبير، يقول الدكتور أوسوريو.
ويضيف: “يتم تنفيذ الإجراء نفسه من قبل استشاري مُدرب ومُعتمد على وجه التحديد في جراحة القرنية. وفي جراحة القرنية الحديثة، يقوم الجرَاح باستبدال الطبقة المصابة؛ وفي أغلب الأحيان لا يكون من الضروري استبدال القرنية بأكملها. أولاً، يتم إزالة الطبقات التالفة أو القرنية بعناية، ثم تتم خياطة القرنية الجديدة أو تثبيتها في مكانها. وتستغرق العملية عادةً من ساعة إلى ساعتين ويمكن إجراؤها تحت التخدير الموضعي أو التخدير العام حسب احتياجات المريض وتفضيلاته.”
ماذا يحصل في الأيام الأولى بعد العملية؟
وفقًا لاستشاري طب وجراحة العيون في مستشفى باراكير للعيون؛ففي الأيام التي تلي عملية الزرع، يحتاج المرضى إلى الراحة والحد من نشاطهم البدني أثناء شفاء العين وتوصف المضادات الحيوية والمزلقات وقطرات العين المضادة للالتهابات، للمساعدة في منع العدوى وتقليل التورم. قد يشعر معظم الناس ببعض الانزعاج، ولكن يمكن التحكم في ذلك عادةً باستخدام مسكنات الألم.
وبعد فترة الشفاء الأولية، يشعر معظم الناس بتحسن في رؤيتهم. ومع ذلك، قد يستغرق الأمر عدة أشهر أو حتى عامًا كاملًا حتى تستقر القرنية الجديدة تمامًا وتستقر الرؤية بعد إزالة الغرز. وستكون مواعيد المتابعة المنتظمة مع جرَاح الزراعة، ضروريةً لمراقبة التقدم وضمان أفضل نتيجة ممكنة.
الأسابيع القليلة الأولى التي تلي الإجراء حاسمةً لنجاح عملية الزرع
سيحتاج المرضى إلى الراحة والحد من نشاطهم البدني أثناء شفاء العين.كما يوصي الدكتور أوسوريو بأن يعتني المريض ويتجنب أي أنشطة قد تضغط على العين،أو تزيد من خطر الإصابة بالعدوى؛ مثل فرك العين أو تعريضها للماء أو الإنحناء كما سيحتاج المريض إلى ارتداء رقعة عين أو درع واقي على العين أثناء النوم، لمنع الاحتكاك أو الخدش العرضي.
كذلك يحتاج المرضىلاستخدام الأدوية، مثل المضادات الحيوية والقطرات المُضادة للالتهابات والمُزلقات ومُثبطات المناعة لتقليل الالتهاب ومنع العدوى والرفض.ويجب تناول هذه الأدوية تمامًا كما هي موصوف، وإبلاغ الطبيب فورًا بأي آثار جانبية. كما يجب عليهم أيضًا الإبلاغ عن أية أعراض غير عادية، مثل الألم أو الاحمرار أو الإفرازات أو تغيرات الرؤية، لطبيب العيون على الفور.
ويقول الدكتور أوسوريو أن الرعاية بعد العملية تُعتبر جزءًا مهمًا من عملية التعافي من زراعة القرنية.ويمكن أن تختلف فترة التعافي بعد عملية زرع القرنية اعتمادًا على عدة عوامل، بما في ذلك الصحة العامة للمريض والتشخيص والجراحة نفسها وأي مضاعفات قد تنشأ.
مؤكدًا أنه من المهم اتباع تعليمات الطبيب بعناية، وحضور جميع مواعيد الأطباء خلال فترة التعافي، لضمان أفضل نتيجة ممكنة.”من الضروري أن نتذكر أن شفاء كل مريض فريدٌ من نوعه، وبالتالي فإن مدة الرعاية اللاحقة ستختلف وفقًا لذلك.”
هل بإمكان الجميع الخضوع لعملية زراعة القرنية؟
يجيب الدكتور أوسوريو قائلًا أنه من المهم ملاحظة أنه ليس كل شخص مرشحًا جيدًا لزراعة القرنية؛ فقد تحتاج بعض أمراض العيون الأساسية للعلاج قبل إجراء عملية الزرع. وفي هذه الحالات، من الضروري إجراء فحص شامل للعين وتقييم من قبل أخصائي القرنية لتحديد ما إذا كان زرع القرنية مناسبًا.
اعتبارٌ آخر مهم يجب أن يؤخذ في الحسبان، هو توافر القرنيات الممنوحة. ففيما يستمر الطلب على عمليات زراعة القرنية في النمو، فإن المعروض من القرنيات الممنوحة محدود. ومع ذلك، وبفضل العمل الدؤوب لبنوك العيون ومنظمات شراء الأنسجة؛ ازداد توافر القرنيات الممنوحة في السنوات الأخيرة.
على الرغم من التحديات، تظل زراعة القرنية إجراءً يُغيَر حياة العديد من الأشخاص. سواء كنت أنت أو أحد أفراد أسرتك يعاني من قرنية تالفة أو مريضة، فمن المهم أن تكون لديك كل المعلومات والحقائق حول هذا الإجراء وما يمكن أن يفعله من أجلك من خلال استشارة طبيب العيون. ومع الرعاية والمتابعة المناسبتين، يمكن أن تكون عملية زراعة القرنية هديةً حقيقية للبصر.
في الختام، تُعتبر زراعة القرنية إجراءً آمنًا وفعالًا، يساعد على استعادة الرؤية وتخفيف الألم للأشخاص المصابين بالقرنية التالفة أو المريضة.
وعلى الرغم من أنها ليست مناسبةً للجميع، وتوافر القرنيات الممنوحة محدودة؛ إلا أن الإجراء يمكن أن يكون له تأثيرٌ عميق على نوعية حياة الشخص. ومن خلال الرعاية والمتابعة المناسبة، حيث يستطيع المرضى التمتع برؤية أفضل.
هي