الكيمياء الكمومية الموجودة داخل العين تحلل المواد السامة وتحمي من العمى
سنابل الأمل / متابعات
كل لون وكل وميض وكل شعاع من الشمس يؤثر سلبا على الأنسجة الحساسة للضوء في الجزء الخلفي من أعيننا، مما ينتج عنه مواد سامة تسمى الليبوفوسين، وتتلف الخلايا المسؤولة عن الرؤية، ولكن لحسن الحظ فإن صبغة الميلانين تقوم بتنظيف هذه المادة الخطرة قبل أن تضر خلايا العين.
وكشفت دراسة -نشرت في دورية “بروسيدنغز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس”(PNAS) الأميركية في الثامن من مايو/أيار الجاري- عن أن سر عمل هذه الصبغة يتركز في إزالة غير عادية تعتمد على سلوك غريب شبيه بالكيمياء الكمومية.
دور مهم للميلانين
تهدف الكيمياء الكمومية إلى فهم سلوك المواد الكيميائية وتفسير تفاعلاتها على المستويين الذري والجزيئي، ويعتمد عليها العلماء والباحثون لدراسة التفاعلات الكيميائية وتحسين العلاجات الدوائية، وفي تطبيقات التكنولوجيا الحيوية.
وفي هذا السياق، درس باحثون من جامعتي “توبنغن” الألمانية و”ييل” الأميركية مادة الليبوفوسين التي تتكون نتيجة أنشطة الرؤية في العين البشرية، ومع تقدمنا في السن تتراجع فعالية الميلانين مما يسمح بتراكم الليبوفوسين ويؤدي إلى ضمور بقعي مرتبط بالعمر، ومن ثم فقدان البصر.
وتشير نتائج الدراسة إلى دور مهم للميلانين -الصبغة المسؤولة عن لون بشرة الإنسان وشعره- في الحفاظ على صحة الرؤية. ورغم أن إلكترونات الميلانين ليست في حالة طاقة عالية بما يكفي لأداء مهمة تكسير الليبوفوسين، فإن العلماء وجدوا أن الميلانين يحلل هذه المادة بطريقة غير اعتيادية مستخدما إثارة كيميائية بطريقة مشابهة لتفاعلات الكيمياء الكمومية.
العملية نفسها غير معروفة من قبل في علم الأحياء، ولكن من خلال الجمع بين الفحص المجهري الإلكتروني عالي الدقة وعلم الوراثة؛ تتبع دوغلاس براش اختصاصي الأشعة العلاجية في جامعة “ييل” وزملاؤه صبغة الميلانين وحبيبات الليبوفوسين، وأظهروا دورا مهما للميلانين في إزالة المركبات الخطرةوفي البيان الصحفي -المنشور على موقع جامعة ييل- أشار براش إلى أن “تفاعلات كيمياء الكم تثير إلكترونات الميلانين إلى حالة طاقة عالية، وتقلب دورانها؛ مما يسمح بوجود كيمياء غير عادية بعد ذلك”. ويضيف براش “يبدو أن الميلانين هو الحل الطبيعي لمجموعة متنوعة من تحديات البيولوجيا”.الحلقة المفقودة
يقول كبير مؤلفي الدراسة الباحث أولريش شراير ماير، وهو طبيب عيون في جامعة “توبنغن”، إنه لمدة 30 عاما كان مقتنعا بأن الميلانوسومات (العضيات الموجودة في الخلايا التي تفرز الميلانين) تحلل الليبوفوسين، لكن لم يستطع هو وفريقه تحديد الآلية التي تتم من خلالها هذه العملية.
ووصف ماير اكتشاف الإثارة الكيميائية للميلانين بأنه “الحلقة المفقودة” التي تفسر كيف يقوم الميلانين بتحليل الليبوفوسين، والتي يمكن أن تفتح الباب لعلاج فعال لضمور الشبكية المرتبط بالعمر. وأكد الباحثون أن المزيد من الدراسات ضروري لفهم آلية الإثارة الكيميائية على نحو أعمق وتطوير علاج على أساسها.
ويأمل الباحثون تطوير أدوية تحاكي آلية الإثارة الكيميائية للميلانين، والبحث عن مستحضرات صيدلانية بديلة للميلانين تقوم بتكسير الليبوفوسين قبل أن يتسبب في تلف أنسجة الشبكية لمساعدة المتقدمين في السن والحفاظ على بصرهم فترة أطول.
المصدر : مواقع إلكترونية والجزيرة نت