عدم تطبيق “قانون الولوجيات” يكرس معاناة الأشخاص في وضعيات إعاقة
سنابل الأمل/ متابعه
انتقدت فعاليات مدنية عدة خفوت النقاش العمومي حول الخدمات الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقة، لا سيما الولوجيات الخاصة بهذه الفئة التي تم تغافلها بشكل كبير في مجموعة من الفضاءات العصرية بمدن مغربية عدة.
ورغم توفر المملكة على حزمة من التشريعات القانونية في هذا الصدد، إلا أنها تظل غير مفعلة إلى حد كبير، ما يتسبب في عرقلة المصالح الذاتية للأشخاص في وضعية إعاقة.
وصرّح عدد من الأشخاص في وضعية إعاقة لهسبريس بأن القطاعين الخاص والعام بالمغرب لم يبتكرا بعد جيلا جديدا من الخدمات الاجتماعية ذات البعد الإدماجي، مركزين بالأساس على المشاكل اليومية التي يصطدمون بها أثناء الولوج إلى الفضاءات الخاصة والعامة.
وينص القانون رقم 10.03 المتعلق بالولوجيات على ضرورة توفر البنايات والطرقات والفضاءات الخارجية ووسائل النقل على شروط استعمالها من الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل سهل، خصوصا ذوي الإعاقة الحركية، غير أن هذه التوجيهات لا يتمّ تطبيقها بالشكل المطلوب في الخدمات العمومية.وأطلقت الحكومة السابقة برنامجاً سنة 2018 يحمل تسمية “مدن ولوجة” لتحسين الولوجيات لفائدة الأشخاص ذوي الحركة المحدودة، لكن حصيلته تبقى ضعيفة نظراً إلى عدم إزالة الحواجز المادية التي يصطدم بها الأشخاص في وضعية إعاقة.في هذا الإطار، قال كريم الشرقاوي، فاعل مدني في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إن “الحديث عن الولوجيات، خاصة المعمارية، ليس وليد اللحظة، فلا تمر ساعة زمنية إلا ونقف على مشهد يخل بالقوانين ويحط من كرامة ليس فقط الأشخاص في وضعية إعاقة بل ومختلف المواطنين والمواطنات من محدودي الحركة كالعجزة والنساء الحوامل”.
وأضاف الشرقاوي، في تصريح لهسبريس، أن “معدل انتشار الإعاقة في المغرب بلغ 6.8 في المائة حسب نتائج البحث الوطني الثاني حول الإعاقة بالمغرب المنجز سنة 2014، أي بما مجموعه 2.264.672 شخصا في وضعية إعاقة، وأن أسرة واحدة من بين أربع أسر في المغرب معنية بشكل مباشر أو غير مباشر بالإعاقة (24,5 في المائة من مجموع عدد الأسر)”.
وأردف: “من خلال منطوق القانون رقم 10.03 الذي يتعلق بالولوجيات في الباب الأول (مقتضيات عامة، المادة 1)، فإن إشكالية الولوجيات تتعدى المعماري، وإن ارتبطت به في معظم النقاشات، إلى مختلف الحقوق الأساسية التي تمكن من المواطنة الكاملة، وتضمن كرامة الشخص وتعمل على تطويع البيئة المحيطة من أجل ضمان تكافؤ الفرص بين كل المواطنين والمواطنات”.
وأشار الحقوقي عينه إلى أن “الإعاقة جزء من التنوع البشري، حيث تعد مكونا أساسيا في المجتمع وأحد محددات فعالية برامج التنمية المبنية على المقاربة الحقوقية، وبالتالي يجب أن تشكل قطيعة مع النموذج الطبي الذي يربط الإعاقة بحاملها، ويعرف الإعاقة بكونها مشكلة صحية لدى الفرد، والواقع أن الإعاقة هي نتيجة لتفاعل بين مجموعة من العوامل الشخصية والحواجز البيئية، من قبيل القوانين، السياسات، والعوامل الاجتماعية والاقتصادية”.
ولفت إلى أن “من الضروري التعامل مع الإعاقة بمنظور حقوقي صرف ينبني على محددات الحق في المشاركة الكاملة والفعالة، المساواة وعدم التمييز، التمكين بكافة مقوماته المعرفية والاجتماعية والاقتصادية”، مؤكدا أن ذلك يتوافق مع “الحقوقية الدولية، ومجموع التعاليق العامة والتوصيات الختامية ذات الصلة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ومنطوق الدستور”.
وبخصوص القانون رقم 10.03 المتعلق بالولوجيات، أفاد الخبير الحقوقي ذاته بأنه “ما يزال يفتقر إلى صدور بعض المراسيم التطبيقية، فضلا عن عدم إلزاميته لمختلف الفاعلين في المجال المعماري بسبب عدم ملاءمة القوانين المؤطرة والمقننة لأنظمة التهيئة والتعمير لمقتضيات هذا القانون من جهة، وأيضا للاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة من جهة ثانية”.
وتابع شارحا بأنه “لا بد من إعادة النظر في الترسانة القانونية التي تنظم المجال المعماري بشكل مباشر والعمل على تكوين العنصر البشري (المهندسين، التقنيين، المراقبين…) في قضايا الإعاقة والترتيبات التيسيرية في مجال الإعاقة، وكذا مشاركة الأشخاص في وضعية إعاقة في لجان المراقبة وإصدار التراخيص، والعمل على تفعيل القضايا الزجرية بشكل أوتوماتيكي”.
واستطرد الشرقاوي بأن “أحد الفرق البرلمانية اشتغل مؤخرا على تعديل قانون الولوجيات لكن مع الأسف لم يتناول القانون برمته، واختزل مقترحه بشكل كبير حول عدد مواقف السيارات كأنه بعد 18 سنة من صدور قانون الولوجيات بقيت نقطة مواقف السيارات هي التي تشكل العائق الكبير أمام الأشخاص في وضعية إعاقة، بينما يخص المشكل كل البنايات المفتوحة”.
لذلك، دعا الفاعل الشرقاوي إلى “إعادة فتح النقاش حول قانون الولوجيات، لكن مع ضرورة تناوله في شموليته من خلال قياس مختلف القطاعات العمومية وشبه العمومية، خاصة تلك التي تقوم بتقديم مجموعة من الخدمات لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة ومحدودي الحركة”.
هسبريس