ذوو الإعاقة في قطر.. بين المخرجات وشحّ الفرص

0 15

سنابل الامل / متابعات

تتطلّع أعينهم هذه الأيام إلى إخوتهم وهم يخرجون إلى جامعاتهم أو حتّى أعمالهم.. وهم محرومون.

ليسوا عبئاً على المجتمع! هكذا تعاملت معهم قطر، فقد تلقّوا أفضل تعليم مدرسي، ولكن تخرّجوا على حقيقة صادمة أسلمتهم إلى إعاقة أخرى أعمق.

لا تدريب مهني! ولا تعليم جامعي! ولا حتى فرصة عمل كريمة يشغلون بها وقتهم، ويقتضون عليها لا منها الأجر الكريم وبين «على» و «من» فرق كبير لمن يدرك معاني حروف الجرّ! والفرق بين الريع الزهيد والأجر المجزي على العمل والإنتاج الذي يصنع المردود الإيجابي على نفسيّة المعاق ورأس المال البشري والاقتصادي في الدولة.

في قطر..

 لم تزل هناك تحديات تواجه ذوي الإعاقة ليس في خطط وبرامج دمجهم في سوق العمل فحسب، بل قبل ذلك قصور- لا شحّ – المعاهد والجامعات المتنوعة الكثيــــــــــــرة والعظيــــــــــمة في قطر عن توفير فرص مهنيّة وعلمية لتدريبهم التدريب النوعي الذي يسمح لهم بالانخراط في سوق العمل كلّ وفق قدراته ومهاراته بل وحتّى فكره!!.

ليس في الإعاقات الحركية فحسب وهي الأسهل؛ بل في غيرها خصوصاً وأن هناك أطيافاً متعددة الدرجات من المتلازمات أو الاحتياجات وتشمل المواهب التي يكون فيها الذكاء عالياً أو حادّاً يستدعي برامج نوعية ترعى هذه البذرة الخصبة لتكتشف ابتكاراتها علّها تكتشف «اينشتاين» آخر.

نجحت قطر في التعليم المدرسي، ولكن للأسف توقف الزمن بها عند عمر معيّن لأسباب:

إمّا أن يكون لفجوة في التشريع والتخطيط بما يواكب رؤية قطر (2030) في محور هذه الفئة من ركيزة التنمية البشريّة.

 القانون القطري رقم 2 لسنة 2004 في شأن ذوي الإعاقة يتضمن 14 مادة تنص على توفير الرعاية الخاصة والحماية القانونية لهم، ليتمكنوا من ممارسة حقوقهم على قدم المساواة، ويغطي ضمن بنوده – ومنذ عشرين عاماً تقريباً- «حقّ العمل» نصّا بتخصيص ما لا يقل عن 2 % من الشواغر الوظيفية لهم في القطاعين العام والخاص.

هذا وقد صادقت قطر 2008 على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لـ 2006، ونصّت المراجعات منذ 2014 على تعديلات في التشريعات وآليات لمتابعة التوصيات.

 إذاً التشريع بريء من القصور.

أو إما أن يكون لفجوة في التعليم العالي والتدريب لدى وزارة التربية والتعليم والمؤسسات التعليميّة العُليا والوزارات المعنية بالتدريب والتنمية البشرية الوظيفيّة فيما يتعلّق ببرامج احتواء المعاقين بعد الثانوية في مفارقة من عمر الريادة العلمية العُليا في قطر، ورغم وجود الخبرات القطريّة وغير القطريّة الكفء، ووجود دبلوم وماجستير نوعي في جامعة قطر خرّج الكثير من الخبرات المتميّزة، وربّما تكون أبحاثهم وبرامجهم المقترحة قد ذهبت أدراج الرياح أو «محتجزة» عند حرّاس بوابات منعت ليس من التطبيق فحسب بل من الوصول إلى مراكز صنع القرار في الدولة!.

 وهذه الفجوة واردة..

وإمّا أن يكون لفجوة بين التخطيط والتدريب والتنفيذ لدى جهاز الإحصاء والتخطيط وديوان الخدمة المدنية ووزارة التنمية الاجتماعية والأسرة وقد تعددت حضانتهم في عمر التغيير الوزاري في قطر، أو في تنفيذ الوزارات الحكوميّة أو المؤسسات والقطاع الخاص لنصوص التشريعات فيما يتعلّق بالتدريب وكوتا التوظيف.

تشير التقارير إلى أن: »الدولة قامت بسنّ وتطبيق تشريعات وبرامج وتقنيات لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة على إخراج أفضل ما لديهم لإزالة القيود والحواجز التي تفرضها البيئة الاجتماعية والاقتصادية والمادية عليهم».

إذاً – على المستوى المؤسسي التنفيذي – أين البرامج المذكورة من أرض الواقع؟ ولماذا يشكو الشباب المعاق البطالة إذاً؟ وأين قواعد البيانات في عدد الفئات وأنواعها؟ وهل مسحت الأجهزة المعنية نسبا قابلة للتعميم ؟ وما المعايير؟ وهل شملت العينات أولياء الأمور أم المعاقين فقط؟ وأي أعمار؟ وأي نوع ؟ وأين خدماتها ومرافقها المكافئة لأعدادها؟ وإن وجدت أين النشرات التوعويّة والأدلة التنظيميّة التي ترشد الأسر للخدمات بعد المدرسيّة؟.

هل هو تأخر في تنفيذ الخطط الوطنية؟ أم تراخٍ في الإحصاءات الدقيقة لمخرجات المدارس؟ أم قصور في تحديث الخطط بما يستحق التحديث منها، وقد داهمتنا لغة العصر وأدواته وعلّمتنا جائحة كورونا درساً في احتواء هذه الفئات بدعم تكنولوجي نوعي وفق إمكاناتها وألهم كثيرا من الفرص حول العالم للتدريب والتوظيف عن بُعد

قراءة هذه الفجوات بتمعن وترابط مهم لتحقيق كل هدف تنموي وآخر في مؤشرات التنمية البشرية ومقاصدها 162، وضرورة لضمان العدالة الاجتماعية.

 إذ أن ضمان صحّة المعاق طريق لتعليم جيّد، وضمان التعليم الجّيد طريق لتدريب جيّد، وضمان التدريب الجيّد طريق للتوظيف النوعي…

قليلة فقط بل معدودة على الأصابع تلك المؤسسات التي قدمت فرصاً للمعاقين، مثل طيران القطرية وإن كانت محدودة الأجر وخجلى…

 هموم تستحق الطرح… وتقتضي فتحها وفتح ملفات استراتيجياتها والتي عكفت عليها الدولة بنجاح منذ بداية الألفية في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة برئاسة سمو الشيخة موزا بنت ناصر، واعتمدت من مجلس الوزراء فضلاً عمّا تلا ذلك من مصادقات الحكومة على اتفاقياتها الدولية وتقاريرها ومقترحات تعديل التشريعات. ملفات نتمنى أن تُفتح على المستوى التنفيذي للوقوف عن كثب على التقدم المحرز لكل جهاز، بل وتحديث الفرص للمعاقين الشباب؛ بما يواكب العصر الرقمي وثورة الذكاء الاصطناعي.

وأخيراً… تقارير التقدم المحرز حول «الحقّ في التنمية « 2015 بشرتنا أنه:

« بدأ النموذج الاجتماعي للتعامل مع الإعاقة يتطور تدريجياً ليحل محل النموذج الطّبي ليحقق تطلعات رؤية قطر الوطنية 2030 للعدالة الاجتماعية والشمول «.

إذا كانت الدنيا في التقارير ورديّة منذ ما يقارب الثماني سنوات، فما سبب الاكتئاب المجتمعي للمعاقين الشباب وأسرهم؟ لم لا زالوا يعانون الإقصاء والمظلمة الاجتماعية ويتولّون وأعينهم تفيض من الدّمع حَزَنَاً؟

هل تعتقدون أن المعوّقات أو قل بعض الإعاقات المؤسسيّة تحتاج إلى تدخل إكلينيكي أو جراحي؟

 

 

الشرق

 

 

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق