بإصرارها تحدت الإعاقة .. فاطمة القدسي من فئة الصم والبكم تحقق طموحها وتتخرج من قسم الهندسة المعمارية
سنابل الأمل / متابعات
“كانوا يطلقون عليها مهندسة البيت” لاهتمامها بشكل وتفاصيل ديكور المنزل وإصلاح الخراب الذي كان يتسلل إليه، وبرغم إعاقتها ذهبت فاطمة القدسي بطموحها إلى ما هو أبعد من ديكور المنزل وإصلاح أشيائه التالفة”.
أخذت فاطمة على عاتقها مواصلة الدراسة، وخاضت التحدي الصعب، رغم أنها فاقدة للسمع.
ابتدأت مسيرة فاطمة القدسي بدبلوم ديكور في “المعهد التقني” نظام سنتين، وحصلت على الامتياز متفوقة على من هم سليمين جسدياً.
وبسبب هذا التفوق أراد عبدالله عبده سعيد “الأمين العام للجمعية الخيرية لهائل سعيد أنعم” أن يُكافئها لما بذلته من جهد وتصدر قائمة المتفوقين.
بداية المشوار
“أخذنا فندق سوفيتل “السعيد” أول ما دخلت بدأت أركز على شكل الديكور والبنية المعمارية والتعليق عليها لدى مدير الفندق وهذا ما لفت انتباه سعيد وجعلني أحظى بفرصة عمل في الجمعية قسم المشاريع الخيرية”.
كانت هذه مغامرة كبيرة لكنها كانت سبباً أساسياً لاكتساب ثقتها بنفسها وتحديد هدفها القادم.
بدأت فاطمة الخطوة الثانية في مشوارها العلمي أكثر ثباتًا وقوة بدخولها قسم “هندسة معمارية” في الجامعة.
تحكي فاطمة القدسي لـ”للمصدر أونلاين”، خلاصة سريعة لخمس سنوات مضت من عمر كفاحها في حياتها العلمية، تقول “منعت من دخول جامعة السعيد بسبب أنني صماء ومن ذوي الاحتياجات الخاصة كي لا يفتحوا مجال لهذه الفئة لتتوافد عليها كونها لا تمتلك الإمكانيات اللازمة لتوفير بيئة تعليمية مناسبة”.
تحدي وإصرار
ترى “إيمان القدسي” الأمين العام لجمعية الطموح للصم والبكم أن فاطمة استحقت دعمها وتحديها لإدارة الجامعة آنذاك لثقتها العمياء بأختها. وأوضحت أن إدارة الجامعة رفضت رفضاً تاماً قبولها خوفاً من عدم القدرة على توفير بيئة تعليمية مناسبة لها، لكن القدسي أصرت على دخولها وأصبح نجاح فاطمة مرهون بثقة أختها.
تقول ذهبت لإدارة الجامعة وقلت لهم “أنا سأوفر لها مترجمة تثبت نفسها وإذا نجحت بدون أي دعم منكم فهذا يعني أنها تستاهل الالتحاق بهذا القسم، وإن فشلت فأنا أتحمل المسؤولية”.
مشيرة إلى أن فاطمة نجحت في هذا الأمر وحصلت على الامتياز في السنة الأولى “وهذا ما جعلني فخورة بها كثير، الشخص مهما حصل على دعم وتوفرت له البيئة المناسبة لن يبدع وينجح إلا إذا كان هنا دافع من داخله”.
تقبل المجتمع لفاطمة
“د. كارم سعيد” أستاذ في جامعة السعيد يقول إن منهج قسم الهندسة يهتم بالجانب العملي بشكل أكبر وهذا ما ساعد فاطمة على التفوق بهذهِ المرتبة.
يقول “كما تعلمون بان منهج كلية الهندسة يغلب عليه الجانب العملي والتقني وهذا ما ساعد المهندسة فاطمة على الاستيعاب والتواصل معنا إلى جانب وجود المترجمة معها وهذا جعلها تفهم وتستوعب الجانب النظري ومع الاستمرار ولغة الإشارة أصبحت تفهمنا ونفهم استفساراتها ولم يشكل أي عائق في توصيل المعلومة لها”.
وأضاف “شخصيتها قوية ومثابرة جداً وهذا ساعدها كثيراً في بناء قدراتها الهندسية من خلال اسئلتها وتعاملها مع زملائها”.
وتابع حديثه “نصيحتي لهذه الفئة تعتمد حسب شخصية كل فرد فعندما يجد التخصص الذي يراه مناسباً له يبدع اكثر من الطالب الآخر كونهم يتميزون بالإصرار وهذا ما يجعلهم يبدعون”.
واقع تعاني منهُ فاطمة
بامتعاض تتحدث عن النظرة البشعة التي أصبحت تلاحقهم اليوم، النظرة إليهن كفئة مهمشة، هي خليط من التعسف والظلم يصعب احتماله، حد وصفها: “يكون في هناك نوع من نظرات التعجب والاستعطاف أثناء حديثي بلغة الإشارة مع من هم حولي وهذهِ النظرات تلاحقني في كل مكان”.
ترى فاطمة أن غياب الوعي هو سبب كل الصعوبات التي تواجه هذه الفئة، تأمل القدسي أن تحظى فئة الصم والبكم باهتمام من الجهات المعنية وتوفير الاحتياجات الأساسية فالتعليم حق من حقوقهم كـ مواطنين يمنيين”.
مؤسسة لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة
أطلقت مؤسسة وئام شباب للتنمية حملة مناصرة لقضايا فئة الصم لرفع معاناتهم للمجتمع، تقول “عائشة الجباري” مديرة المشروع أن هذه الحملة تهدف إلى رفع معاناتهم عن طريق عرض أفلام قصيرة تحكي معاناة الصم بسبب التهميش الذي يتعرضون له وكذا عرض قصص نجاح لفتيات صم يحكين كيف أصبحن ناجحات بدعم ومساندة الأقارب والمجتمع وكذا عرض رسوم كاريكاتير وأفلام تدعو إلى منح الصم حقوقهم ومساواتهم مع المجتمع كما أننا نعزم على نشر دليل (معوقات إشراك الأشخاص الصم في عمليات السلام الأسباب والحلول) ليكون بمثابة دليل لأولئك الذين يسعون لتقديم يد العون والمساعدة للصم.