أصحاب القدرات الخاصة.. تأهيل جديد

0 15

سنابل الأمل / متابعات
هم مختلفون ولكنهم قادرون على التحدى وتجاوز الصعاب فى الحياة، إنهم ذوو الهمم أصحاب القدرات الخاصة، الذين بذلت الدولة جهودا حثيثة لدمجهم فى المجتمع والاستفادة من طاقتهم وقدراتهم، بإعداد عدد من التشريعات والقوانين التى تمنحهم حقوقا ومكتسبات إلى جانب تنفيذ العديد من المبادرات الداعمة لهم.وخلال السنوات الأخيرة لم يتم الاكتفاء برعايتهم فقط، ولكن قدمت الدولة لهم العديد من الخدمات الإنسانية والاجتماعية لوضعهم فى المجتمع بشكل طبيعى من بداية الدراسة وفى مراحل التعليم المختلفة إلى جانب الاهتمام بالأطفال والشباب ومشاركتهم فى المحافل الرياضية وتشجيع الموهوبين منهم على تحقيق البطولات.

توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى الداعمة لهم كانت واضحة ومحددة للحكومة بتبنى الموهوبين من ذوى الهمم ورعايتهم لتحقيق أفضل ما لديهم، وإن كانوا مختلفين إلا أنهم قادرون على النجاح رغم ظروفهم، لذلك فقد تبنت الدولة العديد من المسابقات والمبادرات المتنوعة لاكتشاف قدرات ومواهب المتميزين منهم للارتقاء بهم نحو تحقيق أهدافهم.

«تحقيقات الأهرام» رصدت الجهود التى تم بذلها خلال الفترة الماضية والتى أحدثت نقلة فى حياة ذوى الهمم، والتفاصيل فى السطور..

بداية نشير إلى أن إطلاق حملة «نوصلك» يأتى إيمانا من الدولة بأهمية وصول الخدمات المقدمة منها لفئات ذوى الاعاقة، وذلك أكدته الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، قائلة إن بطاقة الخدمات المتكاملة حق لذوى الاعاقة فى جميع الفئات والمستويات الاجتماعية لمد مظلة الرعاية والحماية الاجتماعية إلى الفئات المستحقة لها، وإن الحملة تهدف إلى التيسير على الأشخاص ذوى الإعاقة وأسرهم فى استخراج بطاقة الخدمات بالتعاون مع وزارة الصحة وتقديم جميع التقارير الطبية. وأشارت القباج إلى أن الوزارة تسخر كافة إمكانياتها وتتوسع فى التعاون مع المحافظين والشركاء من الجمعيات والمؤسسات الأهلية للوصول إلى ذوى الإعاقة فى مناطق سكنهم بمشاركة أكبر عدد من متطوعى الهلال الأحمر المصرى وصناع الحياة والرائدات الاجتماعيات فى الحملة، وذلك بهدف الوصول إلى ذوى الإعاقة وتسجيل البيانات المطلوبة عن كل حالة وتوفير مكاتب تأهيل متنقلة فى كافة المراكز والقري، مؤكدة أنه على المواطن فى حال تعثر الحصول على الخدمة أو حدوث أخطاء من بعض العاملين الاتصال بالخط الساخن الخاص بالشكاوي.

ولفتت إلى المميزات والخدمات التى توفرها البطاقة، حيث تمكن حاملها من العديد من المميزات منها إمكانية الجمع بين معاشين، والدمج فى المدارس والجامعات، فضلا عن التعيين من خلال نسبة الـ٥٪ من عدد العاملين، والإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية على السيارات، والحصول على سكن مناسب، بالإضافة إلى الإعفاء الجمركى على الأجهزة التعويضية، والحصول على تخفيضات بوسائل النقل والمواصلات، والتعامل مع حاملها أمام جميع الجهات الحكومية أنه معاق، والكشف المجانى فى المستشفيات، والحصول على تخفيضات على اشتراكات مراكز الشباب والأندية الرياضية، ومجانية الدخول فى كافة المتاحف والمناطق الأثرية.

زمن قياسي

ولأول مرة تقدم وزارة التضامن بطاقات الخدمات المتكاملة لأصحاب الإعاقة فى مدة زمنية لا تتجاوز ١٥ يوماً، هذا ما أكده الدكتور أحمد سعدة معاون وزيرة التضامن الاجتماعى لدعم العمل الأهلى والشئون الصحية، مشيراً إلى أن الفترة القادمة ستشهد تيسيراً على المواطنين خاصة بعد التعاون مع عدد كبير من المتطوعين من مؤسسة صناع الحياة لعمل الحصر المنزلى لأول مرة، حيث يتم بتوجيه فرق الشباب من المتطوعين والعاملين فى الوزارة بعد تدربيهم، والقيام بتحديد عدد المحافظات المتفق عليها وهى ١٥ محافظة وستمتد لباقى المحافظات، وأول خطوة تكمن فى التعرف على وجود إعاقة داخل كل منزل ثم عمل استقصاء خاص لها، ثم يتم اصطحاب الحالة لأقرب مكتب تأهيل متنقل تابع لحملة «هنوصلك» التى تم اطلاقها لاستيفاء الاجراءات ونحن موجودون داخل المكتب لإعطاء الموافقة الفورية خاصة مع النوع الاول من الاعاقات الشديدة ولا تحتاج الى تشخيص طبي، ونقوم بمساعدته فى تجهيز كافة الاوراق الثبوتية المطلوبة ليتم التنسيق مع الشركة التى تقوم بطباعة الكروت، وفى حوالى ١٥ يوما تصدر البطاقة ولمزيد من التيسير سيقوم فريق المتطوعين بتسليم البطاقات لاصحابها.

مكاتب التأهيل

وزارة التضامن أيضاً قدمت خدمات عديدة لذوى الهمم منها إنشاء مكاتب التأهيل الاجتماعى لذوى الإعاقة، موزعة على مستوى الجمهورية تستقبل طالبى التأهيل فى جميع الأعمار من مختلف الفئات وإجراء الدراسات والفحوص الاجتماعية والنفسية والطبية والمهنية والتعليمية لهم من خلال فريق التأهيل الذى يضمه المكتب، كما يوضح خليل محمد مدير إدارة التأهيل بوزارة التضامن الاجتماعى أنه فى إطار جهود تذليل الصعوبات أمام ذوى الإعاقة لتيسير الحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة تم طرح البطاقة لمستحقيها وفقا لألوان محددة، حيث يشير كل لون لنسبة الإعاقة ودرجتها، وتم تحديد اللون الأزرق العادى المعتاد للإعاقات الشديدة والإعاقات بالغة الشدة، واللون الأخضر للإعاقات المتوسطة، واللون الأرجوانى للإعاقات البسيطة، وفى إطار جهود تخفيف الأعباء عن ذوى الهمم تم إعفاء الشخص ذى الإعاقة الشديدة وبالغة الشدة المتقدم للحصول على بطاقة إثبات الإعاقة والخدمات المتكاملة من إجراء الكشف الطبى المميكن لدى وزارة الصحة بمعرفة الوزارة لدى مكتب التأهيل الاجتماعى التابع له محل إقامته، ويتم استخراج تقرير طبي خلال السنوات الثلاث الماضية، على أن يكون معتمدا من أحد المستشفيات.

دور المتطوعين

وحول دور المتطوعين، قال اللواء محسن النعماني، رئيس مؤسسة «صناع الحياة»، إن المؤسسة تساهم فى إجراء المسح الشامل لحالات الإعاقة وتسهيل الحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة، حيث نقدم الخدمة لأهالينا الذين تعرضوا لمشكلة صحية تحتاج منا جميعا مساندتهم فى حصولهم على بطاقات الخدمات المتكاملة، وسوف يقوم شباب جمعية «صناع الخير». بالمشاركة مع الوزارة فى حملتها «هنوصلك» التى تستهدف المرحلة الثالثة من الإعاقة، وأيضا من لم يتقدم من إصابات المراحل الاولى والثانية سوف يكون شباب المتطوعين بجانب العاملين بالوزارة وشباب الهلال الأحمر فريق الشباب المصرى فى خدمة أهالينا واعفائهم من أى مجهود، وقد بدأنا بالفعل فى تجربة بمحافظة المنوفية، وحققنا نتائج قياسية وبالارقام حيث تم خدمة مليون مواطن بمشاركة ٥ آلاف متطوع من جمعية «صناع الحياة» و١٥ ألف رائدة.

روح التحدي

يولد التحدى من رحم المعاناة، بهذه الكلمات بدأ أسامة طايع، من ذوى الهمم «٤١ عاما» وعضو اللجنة العليا لحقوق ذوى الاعاقة، حديثه وهو يروى حكايته، قائلا: عشت طفولة عادية ممزوجة بشقاوة كباقى الاطفال وكذلك مرحلة المراهقة إلى أن وصلت للمرحلة الثانوية التى فقدت بصرى خلالها إثر حادث، الامر الذى جعلنى ارسب فى الثانوية العامة عدة مرات، حتى كدت أفقد فرصتى فى التعليم، ودخلت فى حالة اكتئاب وحاولت الانتحار لأننى كنت رافضاً لفكرة الإعاقة «كفيف أو أعمى أو معاق» وبعد محاولات عديدة نجحت بالثانوية العامة لألتحق بعدها بكلية الآداب قسم تاريخ، ورسبت بالسنة الاولي، إلى أن تعرفت على مجموعة أصدقاء مكفوفين تكيفت معهم، لكن على الرغم من ذلك كان بداخلى رفض للاعاقة، لكنى نجحت بعد ذلك بتقدير جيد جدا وظللت على هذا المستوى حتى تخرجت، وبعدها ساندنى والدى لأبدأ مشروع «سيبر وشبكة إنترنت»، واستمر هذا المشروع حتى عام 2012، إلى أن تعرفت على د. ابراهيم الفقي، مدرب التنمية البشرية، لتكون نقطة فارقة بحياتى وبداية لرحلة اكتشاف الذات، فقد تبنانى فى مركزه وحصلت على العديد من التدريبات حتى أصبحت مدربا محترفا معتمدا، وكنت من المدافعين عن ذوى الإعاقة والمطالبين بحقوقهم وشاركت فى العديد من فعاليات الإعاقة فكنت من المساهمين فى إنشاء مجلس للإعاقة وكنت أحد أعضاء اللجنة الاستشارية للمجلس، ثم شاركت فى تأسيس جمعية حقى للأشخاص ذوى الاعاقة وأصبحت رئيسا لها منذ 2015 حتى الآن، وعضو اللجنة العليا لحقوق ذوى الإعاقة، ممثلا عن الاعاقة البصرية بقرار من رئيس الوزراء.

وأضاف أسامة ان إعاقته كانت سبباً فى ولادة روح التحدى والمغامرة بداخله، فقد قام بصعود جبل موسى 7 مرات، بخلاف قيامه بالعديد من التحديات الاخرى مثل ركوب الخيل والسير على النار والزجاج وغيرها، وانه كان يحلم بأن يصبح مدرب تطوير ذات فى الوطن العربى وان تصبح جمعية «حقي» للأشخاص ذوى الاعاقة، والتى يرأسها داعمة لأكبر عدد من ذوى الاعاقة.

فرص عمل

وتحدثنا مع بعض أصحاب الهمم، بعد أن حققوا احلامهم فى الحصول على فرصة عمل، وقد عبرت عبير صقر ـ ذات الـ ٤٣ عاما ـ عن سعادتها بعد أن تحقق حلمها فى الحصول على وظيفة بعد أن كان حلما صعب المنال خاصة أنها تعانى من إعاقة حركية كاملة بسبب إصابتها بضمور العضلات، قائلة: «لم أكن أتخيل أن أحصل على الوظيفة بهذه السهولة بعد أن أشار لى أحد المقربين بتقديم أوراقى فى مكتب العمل».

وأشادت عبير باهتمام الدولة بتذليل العقبات أمام ذوى الهمم والاسراع فى اتمام إجراءات التوظيف، قائلة إنها تقدمت بأوراقها لجهة العمل وفوجئت باتصال من مكتب العمل ليخبرها بقبولها فى الوظيفة بإحدى الجامعات الخاصة و ضرورة استكمال باقى إجراءات التوظيف لتتستلم الوظيفة.

أما سماح فتح الله، من البحيرة عمرها ٢٧عاما، فتقول: «بعد تخرجى فى كلية التجارة لم يدر بخلدى الالتحاق بوظيفة كما يحدث للكثيرين ممن هم فى نفس ظروفى الصحية، فمنذ الصغر وأنا أعشق التفصيل، وكنت أصنع ملابسى بنفسى والتى كانت محط إعجاب الكثير من أقاربى وأصدقائى الذين شجعونى على أن أصقل موهبتي، وبالفعل حصلت على دورات فى فن التفصيل وحصلت من مبادرة «قرية بلا فقر» على ماكينة خياطة ليصبح لدى مشروعى المستقل الذى أعمل على إنجاحه وبالفعل بدأ يؤتى ثماره».

القانون ينصفهم

من جانبه، أكد د.عبدالهادى القصبي، رئيس لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، أن هناك مكتسبات عديدة تحققت لذوى الهمم بعد توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى حيث كان من أهمها ولأول مرة فى التاريخ إنشاء لجنة التضامن الاجتماعى والأسرة وذوى الإعاقة، وفقا للقانون رقم 1 لعام 2016 التى تهتم بشئون ذوى الهمم وتمكينهم، وتمثيلهم فى مجلس النواب، مضيفا أنه تقدم فى مايو عام 2016 بمشروع قانون لذوى القدرات الخاصة بعد دراسة عدة قوانين مماثلة بالدول الغربية والعربية، ويحتوى مشروع القانون على أبواب خاصة بمجالات الصحة والتعليم والرياضة وغيرها من المجالات ومدى توفير خدمات لذوى الاحتياجات بتلك المجالات، وقد تم إجراء حوار مجتمعى موسع بمشاركة أكثر من 500 شخصية من شخصيات المجتمع من ذوى الاعاقة وغيرهم، لوضع الرؤية الكاملة لما يحتاجونه فى هذا القانون.

واشار القصبى إلى أن الحكومة تقدمت بمشروع مماثل وقمنا بدراسة المشروعين، وتمت مناقشة القانون الشامل لذوى الاعاقة بمجلس النواب، ووافق المجلس على القانون فى جلسة تاريخية انتصرنا فيها لحوالى 12 مليون مواطن من ذوى الهمم، موضحا أن مكتسبات ذوى الإعاقة قد توجت بإعلان الرئيس السيسى عام 2018 عاما لذوى الإعاقة مما يؤكد اهتمامه بحقوقهم ورعايتهم إنسانيا واجتماعيا، كما أعطى دفعة قوية لكافة مؤسسات الدولة ومجلس النواب لاستكمال تمكين ودعم ذوى الهمم فى كل المجالات، وأصدرنا عام 2019 القانون رقم 11 سالخاص بإنشاء المجلس القومى لذوى الإعاقة، كما تقدمنا بمشروع جديد باسم صندوق دعم احتياجات ذوى الإعاقة رقم 200 لسنة 2020، كما تم تعديل اسم الصندوق باسم «قادرون باختلاف» وأصبح برئاسة رئيس الجمهورية.

اما مجدى البدوي، نائب رئيس اتحاد العمال رئيس النقابة العامة للصحافة والطباعة والإعلام، فيشير الى رعاية الرئيس السيسى للفئات التى ظلت مهمشة لسنوات طويلة خاصة ذوى الهمم وحرصه على دمجهم بالمجتمع، بالإضافة إلى إقرار قوانين وتشريعات داعمة كفلت لهم حقوقا غير مسبوقة، وقد وضح حرصه جلياً فى كلمته الافتتاحية بعيد العمال على توجيه توصيات لجميع القطاعات بالدولة بالالتزام بتشغيل نسبة الـ 5٪ من ذوى الهمم، خاصة فى القطاع الخاص حيث إنه وفقاً للقانون يجوز الحكم بإلزام صاحب العمل أو المسئول عن الجهة الملزمة بتشغيل الأشخاص ذوى الهمم بأن يدفع شهريًا للشخص الذى رشح للعمل لديه وامتنع عن توظيفه مبلغا يساوى الأجر أو المرتب المقرر أو التقديرى للعمل أو للوظيفة التى رشح لها، اعتبارا من تاريخ ثبوت ارتكاب المخالفة ولمدة لا تتجاوز سنة، ويوقف هذا الالتزام إذا التحق الشخص ذو الإعاقة بعمل مناسب فى ذات الجهة أو فى جهة أخري، ويعاقب كل من يخالف ذلك بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تجاوز سنتين وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تجاوز 30 ألف جنيه، وتتعدد الغرامات بتعدد الحالات.

وأضاف البدوى أنه من حق ذوى الهمم أن يحصلوا على وظيفة تتناسب ومؤهلهم الدراسى أو ما حصلوا عليه من خبرات، ولفت إلى أن مسألة حضور العامل لمقر عمله تتوقف على قدرته على الحركة والعمل ونسبة إعاقته، ولكن ليس هناك معايير معينة لذلك فهناك بعض من أصحاب الأعمال يقومون بتوظيف نسبة الـ٥٪ دون إلزامهم بالحضور، مشيرا إلى ضرورة وجوب تنمية ثقافة أصحاب الأعمال بكيفية الاستفادة من مهارات وخبرات ذوى الهمم، حتى لا يصبح تعيينهم شكليا، خاصة أن الكثير من ذوى الهمم مدربون ولديهم خبرات كبيرة ومؤهلون لدخول سوق العمل بكفاءة.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق