دار بويدار” بتحناوت .. مشروع اجتماعي إنساني يسعى لإسعاد الأطفال في وضعية صعبة

0 9

سنابل الامل / متابعات

على مساحة 15 هكتارا، وبعيدا عن صخب المدن وضوضائها، تم إحداث “دار بويدار” بتراب عمالة تحناوت بإقليم الحوز، على بعد أزيد من 30 كيلومترا عن مدينة مراكش، من قبل السويسري الراحل هانزجورك هوبر، وهو رجل أعمال سابق في مجال التأمين، بغلاف مالي يقدر بـ20 مليون درهم، لاستقبال الأطفال المتخلى عنهم، لإيوائهم وتوفير الحماية والتعلم لهم دون إغفال الجانب النفسي.

مشروع اجتماعي وإنساني، تشرف عليه جمعية أطلس كيندر، ويحتضن حوالي 185 طفلا يتيما من كلا الجنسين دون مأوى، تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر و14 سنة، من كل جهات المغرب، يرمي إلى إنقاذ هذه الفئة من الأطفال وإسعادها، وتوفير ملاذ آمن لهم وتعليمهم معارف تجعلهم فخورين بأنفسهم، ويضم 22 منزلا، لكل واحد اسم أو عنوان: الثقة، الافتخار، الحب، التفاؤل، السعادة… أسماء تبعث على الأمل علها ترمم ما تكسر في هذه القلوب الصغيرة.

معلمون ومعالجون وأشخاص يشاركون في التنمية الفكرية والتعلم المدرسي والأنشطة الموازية لأطفال جمعية أطلس كيندر، في هذه القرية التي أنشأت خصيصا لهم، لتحتضنهم وتعوضهم عن حضن الأسرة الذي لا يعوض.

“دو – ري – مي – فا – صول – لا – سي” على نغمات السلم الموسيقي يتدرب الأطفال في حصة التربية الموسيقية، وعلى ظهر الخيول يركبون ليحسوا بالثقة والفخر، وعلى الأوراق يرسمون ويلونون وفي أقسام الدرس يتعلمون ويدرسون، وتداعب أناملهم الصغيرة الألعاب… ويعيشون كأسرة واحدة رفقة أمهات يسهرن على كل تفاصيل حياتهن، هكذا خطط هوبير لمشروعه وهذا كان تصوره لمنزل يوفر فيه الحماية والتعلم دون إغفال الجانب النفسي.

في حديثها إلى “الصحراء المغربية” تكشف إحدى المربيات قائلة “نحن، المربيات، نعتني فقط بالأطفال، نحن لا نطبخ. نحن هنا لرعايتهم، لنمنحهم الدفء والحنان والحب. نحن نحرص على أن يناموا ساعة من القيلولة في اليوم، ننقلهم إلى المدرسة، إلى الحديقة للعب…”.

خلال جولتها بالقرية، استرعى انتباه “الصحراء المغربية” مسجدا ومدرسة ابتدائية، ومركزا للترويض خاصا بالأطفال ذوي الإعاقة الحركية، تشرف عليه الممرضة حبيبة أيت فارس، التي أوضحت أن الأطفال ذوي الإعاقة الجسدية والذهنية يستفيدون من حصص الترويض لتصحيح ما يشكون منه، ما أكسبهم تحسنا وجعلهم يستعيدون عافيتهم.

وعلى مستوى التحصيل الدراسي، أكدت أسماء أوسعدن، المدرسة المسؤولة عن التعليم الأولي، أن طريقة تدريس الأطفال تقوم على بيداغوجيا الورشات التي يشكل الطفل محور عمليتها التعليمية التعلمية، مبرزة أن هذه البيداغوجيا تجعل الطفل يقوم بكل شيء، ليكتسب معارف ومهارات تساعده في تحصيله الدراسي. وأشارت إلى أن المدرسات تقوم بدور الأمهات والآباء والأساتذة، لتحقيق اندماج هذه الفئة اجتماعيا، وتحصينها نفسيا حتى تكون فخورة بنفسها.

انجازات جمعية أطلس كندر

حققت جمعية أطلس كيندر منذ تولي خالد القنديلي البطل العالمي في رياضة الفول كونتاكت رئاستها، خلفا للسويسري الراحل هانزجورك هوبر، وتحت ادارة مولاي رشيد قاسمي العديد من الإنجازات، من خلال تعيين شركة أمن متخصصة، ووضع إجراءات واضحة وفعالة، إلى جانب تركيب أجهزة إطفاء في جميع أنحاء القرية. تم تعزيز المراقبة من خلال تركيب كاميرات مراقبة، مما يضمن حماية مستمرة للسكان والممتلكات.

وتسعى الجمعية الى تحسين الظروف المعيشية للأطفال المتخلى عنهم، وتعمل بتعاون مع السلطات المحلية والمجتمع المدني، على رفع التحديات التي يواجهها هؤلاء الأطفال، خاصة في مجالات التعليم والصحة والولوج الى الخدمات الأساسية، وتطمح الجمعية أيضا، إلى توفير مستقبل أفضل لهذه الفئة من الأطفال من خلال تعزيز اندماجهم الاجتماعي والاستجابة لاحتياجاتهم الخاصة، ومواكبتهم من خلال خلق مشاريع مدرة للدخل.

وتعتبر أطلس كيندر قيمة المساهمة التطوعية للمتطوعين على أنها لا تقدر بثمن، حيث تم وضع دليل شامل لإدارة الزوار والمتطوعين في الموقع، مما يتيح توظيف المتطوعين وفقًا لاحتياجات القرية المحددة وتقديم تجربة غنية لهم، وتحسين التوصيلية من خلال التفاوض المكثف مع مشغل الهاتف الوطني.

وفي هدا الإطار، قال مولاي رشيد القاسمي المدير الاداري لجمعية أطلس كيندر، بفضل مثابرتنا، تمكنا اليوم من توصيل قرية أطلس كيندر بالألياف البصرية، مما يفتح آفاقًا جديدة ويتيح اتصالا سلسا للأطفال والمستخدمين، وفي ما يتعلق بالتموين، تم إنشاء نظام مبتكر حيث تتوفر خدمة تموين مخصصة في كل منزل، مما يضمن توفير طعام صحي ومناسب لكل طفل. بالإضافة إلى ذلك، تم تجديد المطعم القديم لتوفير وجبات ذات جودة عالية للموظفين والمتطوعين، وذلك من خلال نظام تذاكر يتجنب التكاليف الخفية.

وأضاف القاسمي، أن أولوية أطلس كيندر القصوى اليوم هي توفير دعم قوي لـ 185 طفلا، من بينهم 8 أشخاص معاقين بشكل كبير، وتوفير بيئة آمنة ومحبة وملائمة لتطورهم، مؤكدا على ضرورة تطوير وتعزيز الشراكات لضمان جزء من ميزانية التشغيل.

وعبر عن سعادته بالشراكة الجديدة التي تم إبرامها مع مؤسسة تعليمية مشهورة لتوفير تعليم ممتاز وبيئة تعلم محفزة وملائمة لاحتياجات أطفال الجمعية، انطلاقا من السنة الدراسية الحالية، لإتاحة الفرصة للأطفال من أجل متابعة التعليم عن بعد من خلال النظام التعليمي المعتمد على التفوق.

وأكد على ضرورة تضافر جهود المحسنين والأشخاص ذوي النوايا الحسنة لدعم هذه المشاريع الاجتماعية والإنسانية وإنشاء مؤسسات أخرى تسير في الاتجاه نفسه، مشيرا الى ان الجمعية غير قادرة على استقبال أطفال جدد خلال الخمس سنوات المقبلة، بالنظر الى التحديات المالية التي تواجهها، وتركز جهودها على ضمان مستقبل الأطفال الذين يجري التكفل بهم قبل استقبال المزيد، لتوفير رعاية ذات جودة واستقرار طويل الأجل.

احتفاء بالصداقة المغربية السويسرية

خلال نهاية شهر ماي المنصرم، نظمت السفارة السويسرية بالمغرب، بشراكة مع جمعية أطلس كندر، حفلا خصص لتخليد الصداقة والتعاون الدولي التي تجمع بين المملكة المغربية وسويسرا لفائدة أطفال جمعية أطلس كيندر، لتحسين الظروف المعيشية لهؤلاء الأطفال، مما سيوفر لهذه الفئة العمرية لحظة من الفرح والترفيه والترويح عن النفس.

ويهدف حفل الصداقة والتعاون الدولي بين المغرب وسويسرا إلى تمتين الروابط بين البلدين وتعزيز حقوق الأطفال، وتسليط الضوء على الشراكة القائمة بين السفارة السويسرية بالمغرب وجمعية أطلس كيندر، التي تعكس بشكل مثالي التضامن والالتزام نحو مستقبل أفضل للأطفال.

وأكد غيوم شوررالسفير السويسري بالمغرب، في تصريح خص به “الصحراء المغربية”،أن تواجده بمقر جمعية أطلس كيندر ضواحي تحناوت جاء من اجل إعادة انبثاق هذه الجمعية التي تم إنشاؤها سنة 2015 بشكل جديد من قبل السويسري الراحل هانزجورك هوبر، الذي عاين عدد من الأطفال المتخلى عنهم، وقام بإحداث قرية مميزة تضم منازل ومدرسة ومسجد لفائدة أزيد من مائة طفل متخلى عنهم.

وأضاف الديبلوماسي السويسري، أن الهدف هو إعطاء وتمتيع هؤلاء الأطفال بنفس الحقوق ونفس الإمكانيات في التربية والتعليم والتكوين وممارسة الرياضة، مشيرا إلى أنه بعد وفاة مؤسس هذه الجمعية، تمت إعادة إطلاق هذه الجمعية بإرادة وعزيمة مغاربة

وسويسريين وعدد آخر من جنسيات أخرى وبدعم من سفارة سويسرا، وإرساءها بتنسيق مع السلطات الحكومية والإقليمية، وهذا يعكس مستوى العلاقات الممتازة بين سويسرا والمملكة المغربية على مستوى الاقتصادي والسياسي والثقافي.

من جانبه، أوضح خالد القنديلي البطل العالمي في رياضة الفول كونتاكت والرئيس الجديد لجمعية أطلس كيندر، خلفا للسويسري الراحل هانزجورك هوبر الذي كان يقيم بالمغرب، أن الهدف من هدا الاحتفال هو تشجيع الأطفال بالجمعية والعمل على مواصلة المهمة الإنسانية لفائدة أطفال قرية أطلس كيندر اليتامى والمتخلى عنهم وتخفيف وطأة واقعهم الأليم، وإظهار للإنسانية أن هؤلاء الأطفال لديهم قدرات للذهاب إلى أبعد مدى، مشيرا إلى أن هذا الاحتفال شكل مناسبة لتعزيز الشراكة بين السفارة السويسرية بالمغرب وجمعية أطلس كيندر لتقديم مستقبل أفضل للأطفال، وإقامة مشاريع ملموسة ومستدامة تلبي الاحتياجات المحددة لهؤلاء الأطفال وتسهم في اندماجهم الاجتماعي، وهي مثال جيد للتضامن الدولي والالتزام تجاه الفئات الأكثر ضعفا.

الصحراء المغربية

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق