تمكين ذوي الإعاقة البصرية في العصر الرقمي
سنابل الأمل/متابعات
تُعَدُّ التقنية أحد العوامل الرئيسية التي تُحدث تحولاً جذريًّا في حياتنا اليومية. ومع التطورات السريعة في هذا المجال تزداد الفرص لتحسين حياة الأفراد ذوي الإعاقة البصرية، من خلال تطوير أدوات وحلول تقنية، تجعل العالم أكثر شمولية واندماجًا.
في هذا المقال سنستعرض كيفية استخدام التقنية لتحسين إمكانية الوصول لذوي الإعاقة البصرية.
ليس من المتصور اليوم ألا تجد في موقع ما سوى زر وحيد، هو كل ما في الموقع أو المتصفح لتراه. أنت ترى الصور وعشرات الأزرار الموزعة في الشاشة والشروح والرسوم التي تساعدك على فَهم أدق تفاصيل الموقع، لكن أن تكون كفيفًا فالأمر مختلف تمامًا، ألا تجد في الشاشة سوى زر وحيد، وقراءة وحيدة، يستطيع قارئ الشاشة الوصول إليها. أن تكون كفيفًا فيعني أن كل زر في الموقع يحتاج لتوصيف كتابي دقيق، يُمكِّن قارئات الشاشة من الوصول إليه.
أفهم أن يحذو التصميم نحو الجماليات، لكن للفاعلية دور أهم وأنفع.
على المطورين أن يراعوا تمامًا إمكانية وصول الكفيف للمواقع في صالح تعزيز الخدمة العامة.
إن التقنية هي مجموعة من الأدوات والأساليب التي تستخدم المعرفة العلمية لتحقيق أهداف عملية.
وتشمل التقنية كل شيء من الأجهزة البسيطة إلى الأنظمة المعقدة.. وهي تُعنى بتحسين كفاءة العمليات، وتقليل الجهد البدني، وتساعد في حل المشكلات المعقدة؛ لذا سنحاول في هذا المقال توجيه التقنية للحديث عن خدمة إمكانية الوصول لذوي الإعاقة البصرية.
إن إمكانية الوصول -من ناحية أخرى- تشير إلى تصميم وتطوير المنتجات والخدمات والبيئات بطريقة تُمكِّن جميع الأفراد -بغض النظر عن قدراتهم- من استخدامها بسهولة ويُسر.
وتتضمن إمكانية الوصول ضمان أن يكون للأفراد ذوي الإعاقة البصرية القدرة على التفاعل مع الخدمات العامة والتقنية بشكل مستقل وبكفاءة.
بالرغم من أن الكفيف اليوم يستطيع التفاعل مع الواقع بشكل أفضل؛ إذ يمكنه طلب أي شيء من الإنترنت، من أدوات العناية الشخصية إلى الأثاث والطعام.. ومع ذلك تظل هذه التقنيات بحاجة إلى سلاسة أكبر في العمل، وسهولة الوصول المطلق.
توجد توصيات عدة، يمكن أن يتبناها المطورون لجعل التقنية أكثر سهولة في الوصول لذوي الإعاقة البصرية، منها:
أولاً: يجب استخدام تصميم واجهة بسيطة وبديهية، مع عناصر تفاعلية واضحة، وتسميات نصية مناسبة، وتبايُن عالٍ بين النص والخلفية.
ثانيًا: يجب أن تكون جميع المحتويات النصية قابلة للقراءة عبر قارئات الشاشة، مع توفير نصوص بديلة للصور، وتنظيم المحتوى بشكل صحيح.
ثالثًا: يجب على المطوِّر أن يستبدل الرموز المرئية بالإرشادات الصوتية، خاصة تلك التي عادة ما تطلب من زوَّار الموقع أو الصفحة أن يختاروا صورًا مُعيَّنة عند تسجيل الدخول، أو عند إنشاء الحساب في الموقع.
وعلى المبرمجين أن يستبدلوا ذلك بالإرشادات الصوتية، بما يتوافق مع قارئات الشاشة.
ومثال ذلك: الخطوة التي قامت بها منصة أبشر؛ إذ حذفت هذه الخطوة من موقعها في مبادرة مشكورة لتمكين ذوي الإعاقة البصرية.
أخيرًا، ينبغي إجراء اختبارات إمكانية الوصول بانتظام، والاستفادة من ملاحظات المستخدمين ذوي الإعاقة البصرية؛ لتحسين المنتجات باستمرار.
وهذه الخطوة شديدة الأهمية؛ إذ إن ذوي الإعاقة هم أدرى باحتياجاتهم اللازمة.
لا تزال الكثير من التطبيقات اليوم لم تُفعِّل بعد “إمكانية الوصول”، وهذا يخل بفاعلية وصولها إلى فئة مهمة، وشريحة فاعلة من الناس، هي فئة ذوي الإعاقة. على سبيل المثال: المكفوفون.
إن إمكانية الوصول تهدف إلى توفير بيئة شاملة، تضمن حق الجميع في الوصول إلى المعلومات والخدمات، بغض النظر عن القدرات الفردية. وهي تقنية تهدف لجعل التطبيقات متوافقة مع الأدوات المساعدة لذوي الإعاقة.
تفعيل “إمكانية الوصول” في التطبيقات ضروري؛ لتمكين المكفوفين من الاستفادة الكاملة منها، وليس فقط في أجزاء محددة.
والتطبيقات التي تتبنى هذه الميزة تصبح أكثر جذبًا وفعالية.
شركات، مثل جوجل وأبل، تدعم هذه المبادئ، وتوفر شروحات للمبرمجين؛ لضمان توافق التطبيقات مع قارئات الشاشة؛ لذا ليس من الضروري تصميم مواقع مخصصة لذوي الإعاقة، بل يمكن جعل جميع المواقع متوافقة مع معايير إمكانية الوصول.
بحكم مجالي التقني، تتواصل معي العديد من الجهات لطلب الإشراف على مواقعها؛ لضمان توافقها مع معايير إمكانية الوصول، وألحظ من خلال ذلك أن المبرمجين والمصممين يرتكبون أخطاء جسيمة، تؤثر بشكل كبير على تجربة ذوي الإعاقة البصرية، خاصة فيما يتعلق بتقنيات قراءة الشاشة. والناتج أن هذا الإهمال يعكس غياب البحث والاهتمام الكافي؛ لأن الناظر يرى أنه بالإمكان تفادي هذه المشكلات بسهولة.
إن إمكانية الوصول ليست خيارًا إضافيًّا، بل ضرورة لتحقيق العدالة والشمولية.
على المطورين تبنِّي هذه الفلسفة؛ لضمان استفادة الجميع من التقنيات.
إذا تبنينا هذه المبادئ سنتمكن من إنشاء بيئة تقنية أكثر شمولاً، تُعزِّز قيم المساواة، وتساهم في تحسين حياة الأفراد ذوي الإعاقة البصرية؛ ما يساهم في بناء مجتمع يتقدم بتقنياته، ويضمن تمكين الجميع.
صحيفة سبق