خديجة بوكرين مغربية تسعد المكفوفين بلوحاتها

0 84

سنابل الأمل / متابعات بلغت المغربية خديجة بوكرين عقدها السابع، لكنها أثبتت أن الإبداع لا سن له، فهي تصنع لوحات بالعقيق والأزرار لفائدة المكفوفين، “لأنهم يبصرون بقلوبهم”.القصة بدأت خلال فترة الحجر الصحي الذي فرضه المغرب عام 2020 للحد من تداعيات جائحة كورونا، لتنطلق أنامل الجدة في إبداع لوحات، بمساعدة الأحفاد واقتراح الأبناء ودفء العائلة الذي يمنحها قوة واستمرارا.وقبيل بداية الحجر الصحي الذي بدأ بالمملكة في مارس 2020، طلب الابن نورالدين شكردة من أمه خديجة الاستقرار معه في منزله وسط مدينة فاس، خشية أن يفقد التواصل معها بسبب الحجر.لأنهم يبصرون بقلوبهموفي حضن العائلة بدأت الجدة تبدع وهي تركب العقيق، وبجانبها حفيدتها وحفيدها يعملان على إتمام التمارين المدرسية تارة، وعلى إعانتها تارة أخرى، وبين المشهدين تأتي من الحفيدة الكبرى موسيقى جميلة من آلة القانون. إنها علاقة حب تجمع أفراد العائلة، جدة وابنا وزوجة وأحفادا.وقالت بوكرين “اقتنى ولدي للأحفاد العقيق حتى يلعبوا به، وفي فترة الحجر عندما مُنع الخروج طلبوا مني أن ألعب معهم وأشاركهم، وبدأت بإعداد عدة أشكال”. وأضافت “منذ ذلك الوقت بدأت بالاشتغال على إلصاق العقيق في الثوب”.خديجة لم تلعن ظلام الحجر الصحي، بل أشعلت شمعة أضاءت بها طريقها وطريق عائلتها، وهو نفس النور الذي سيطال المكفوفين أيضا في وقت لاحق.تأخذ أولا الثوب وتضع له إطارا من العقيق تطلق عليه اسم “الحد”، وتنطلق عملية وضع العقيق والأزرار الواحد تلو الآخر، لتبدع لوحات جميلة في شكل زهور أو مساجد أو معالم مدينة.أمور تبدو بسيطة ولكنها كبيرة لدى الجدة، حيث ملأت حياة الأسرة بهجة وسعادة، لها ولعائلتها ومعارفها وللأفراد عندما تقوم بعرض ذلك في معارض.وفي ظرف عام ونصف العام أنتجت خديجة بوكرين 46 لوحة، وتم عرضها في معرض بمدينة فاس، ولاحظت آنذاك أن المكفوفين لم يزوروا المعرض، لتخبر ابنها باعتزامها إعداد لوحات لفائدتهم حتى يتسنى لهم الحضور والاستمتاع بهذه اللوحات، خصوصا أن ذلك سيكون سهلا عبر عملية اللمس.وقالت خديجة “فكرت كثيرا في المكفوفين، لذلك عملت هذه اللوحات لفائدتهم حتى يلمسوا اللوحات بأيديهم، ويروها بقلوبهم ويفرحوا معنا ونفرح معهم”. وفي ظرف سنة واحدة استطاعت أن تبدع 12 لوحة بالعقيق لفائدة المكفوفين، ونظمت معرضا لفائدتهم.جاء الكثير من المكفوفين إلى المعرض وأبدوا سعادة غامرة، وسألوا عن العقيق والألوان والأشكال، كما بدت الفرحة ظاهرة على وجوهم. و”بعدما أعجبوا باللوحات دعوا لي بتمام الصحة والعافية، وأنا أيضا دعوت معهم، حيث أصبحوا قريبين مني مثل أبنائي”، وفق ما قالته خديجة.نورالدين بدوره تواصل مع أستاذ لتوفير فقرات بطريقة برايل (تمكن المكفوفين من القراءة عبر اللمس)، تم وضعها أسفل اللوحات التشكيلية لمزيد تقريبها إلى المكفوفين.وكانت الجدة في صغرها تعد الصقلي والمضام (أشكال خياطة تقليدية)، وبعدما انشغلت بتربية الأبناء لم تعد تقوم بذلك إلى غاية الحجر الصحي حيث تعلمت إنجاز هذه اللوحات.وربطت خديجة علاقة مع العقيق حيث تنشغل طيلة اليوم بإعداد لوحات، والأمر لا يخلو من بعض المصاعب حيث يتصادف أحيانا أن تخيط الجدة ثوبها مع الثوب (اللوحة) الذي تعده، لتطلب من الحفيدة أن تفك ذلك، ولا تخلو العملية من ابتسامات أفراد العائلة. وتستغرق الفنانة مدة طويلة في إعداد اللوحات، تتراوح بين أسبوعين وأربعة أشهر.وفي كل ليلة وقبل نومها، تفكر الفنانة السبعينية في شكل لوحة اليوم التالي، وعندما تنتهي من كل لوحة تسأل نفسها “هل فعلا أنا من صنعت هذه؟”.وتستمد خديجة أشكال اللوحات من الطبيعة ومن خلال حواراتها مع أبنائها وأحفادها أو من خلال اقتراحاتهم. والإبداع حسب قولها “غير مرتبط بسن معينة”. ودعت السيدة المغربية نظيراتها من مختلف الأعمار إلى العمل على أي شيء يروق لهن، لافتة إلى أن “الأمر يتطلب صبرا فقط.

العرب

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق