التوحد وتناول الباراسيتامول.. جدل متصاعد بين ترمب والوكالات الصحية العالمية

0 8

سنابل الأمل / متابعات

أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 22 سبتمبر الجاري، والتي نصح فيها النساء الحوامل بتجنب تناول عقار الباراسيتامول لارتباطه باضطراب طيف التوحد لدى الأطفال، جدلاً كبيراً، إذ سرعان ما نفت ذلك منظمات صحية دولية.

 

وقال ترمب إن إدارة الغذاء والدواء الأميركية ستخطر الأطباء بأن عقار “الباراسيتامول” (المعروف باسم تايلينول في الولايات المتحدة) “قد يرتبطان بزيادة كبيرة جداً في خطر الإصابة بالتوحد”.

 

ولم يستشهد ترمب بأدلة علمية تدعم توصيته، ولا يوجد أي ارتباط واضح بين استخدام الباراسيتامول، المسكّن للألم، أثناء الحمل وأي نتائج سلبية على السلوك العصبي أو النمو مثل التوحد.

 

وفي اليوم نفسه، أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية إشعاراً للأطباء حول ما وصفته إدارة ترمب بمخاطر تناول الباراسيتامول أثناء الحمل، لكنها أوضحت أنه “لم يتم إثبات علاقة سببية” بين التوحد والأسيتامينوفين، وهو المادة الفعالة في الباراسيتامول.

 

وقالت منظمة الصحة العالمية، الأربعاء، إنه لا يوجد حالياً أي دليل علمي قاطع يؤكد وجود صلة محتملة بين الإصابة بالتوحد وتناول عقار الباراسيتامول أثناء الحمل.

 

بدورها ذكرت وكالة الأدوية الأوروبية، الثلاثاء، أنه لا يوجد دليل جديد يستدعي إجراء تغييرات على التوصيات الحالية بشأن استخدام الباراسيتامول أثناء فترة الحمل. وأضافت في بيان لـ”رويترز”، أنه يمكن استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل عند الحاجة ولكن بأقل جرعة ووتيرة.

 

كما أصدرت “وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية في بريطانيا” بياناً أكدت فيه أن “الباراسيتامول” آمن أثناء الحمل، ولا يوجد دليل على أنه يسبب التوحد.

 

وزير الصحة الأميركي روبرت إف كينيدي جونيور ينظر إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حديثه في البيت الأبيض. واشنطن. 22 سبتمبر 2025 – REUTERS

ماذا تقول الأبحاث عن التوحد والأسيتامينوفين؟

وفق تقرير لـ”بلومبرغ”، فإن النتائج التي درست الرابط بين التوحد والأسيتامينوفين (المادة الأساسية في الباراسيتامول) جاءت متباينة، كما أن هذه الأبحاث اعتمدت على دراسات رصدية لا تجارب مضبوطة، أي أن الباحثين يجمعون بيانات عن مجموعة أشخاص ويحاولون ربط أمر ما بنتيجة معينة.

 

وبما أن عوامل عديدة قد تؤثر على النتائج، فإن هذه الدراسات محدودة في قدرتها على إثبات السببية، وغالباً ما يتعذر تكرار نتائجها.

 

ووجدت دراسة في عام 2008 أن استخدام الأسيتامينوفين لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 شهراً لعلاج الحمى، ارتبط بتشخيص اضطراب طيف التوحد. ولم تتوصل الدراسة إلى نتيجة قاطعة، ودعا الباحثون إلى مزيد من التحليل.

 

وربطت دراسة في عام 2019 من جامعة جونز هوبكنز، بين التعرض للأسيتامينوفين داخل الرحم والإصابة بالتوحد.

 

وفي 2024، حلّل بحث واسع سجلات 2.5 مليون طفلاً وُلدوا في السويد على مدى 25 سنة، ولم يجد زيادة في خطر التوحد عندما تناولت أمهاتهم الأسيتامينوفين أثناء الحمل.

 

في وقت سابق من هذا العام، خلصت مراجعة لـ46 دراسة سابقة إلى أن التعرض قبل الولادة للأسيتامينوفين قد يزيد من خطر الاضطرابات العصبية النمائية، لكنها لم تجد أنه يسببها بشكل مباشر.

 

وكان أحد مؤلفي هذه الدراسة، أندريا باكاريلي، عميد كلية “تي. إتش. تشان للصحة العامة” في جامعة هارفارد، شاهداً خبيراً لصالح المدّعين الذين زعموا أن تناول الباراسيتامول قبل الولادة يسبب التوحد لدى الأطفال. واستبعد القاضي شهادة باكاريلي، وكتب أنه لم يُظهر “الصرامة الكافية” في قياس الارتباط بين تعرض الجنين للأسيتامينوفين واضطرابات النمو العصبي.

 

من جهتها، تقول شركة Kenvue Inc، المصنّعة للباراسيتامول في الولايات المتحدة (تيلينول)، إن “بحثاً مستقلاً وموثوقاً” يُظهر أن الأسيتامينوفين لا يسبب التوحد.

 

هل زادت معدلات الإصابة بالتوحد؟

وجدت دراسة في عام 2024 أن معدلات التشخيص بالتوحد ارتفعت بنسبة 175% خلال عقد واحد.

 

ووفق صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن ذلك يعود جزئياً إلى توسيع تعريف التوحد في “الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية” عام 1994، ليشمل “متلازمة أسبرجر” (صعوبات في التفاعل الاجتماعي والتواصل غير اللفظي)، وكذلك إلى زيادة الفحوص التشخيصية، خصوصاً لدى البالغين الشباب، وليس الأطفال فقط.

 

وأفادت دراسة من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن 1 من كل 31 طفلاً بعمر 8 سنوات تم تشخصيه بالتوحد في عام 2022. كما أن الأولاد أكثر عرضة بثلاثة أضعاف للتشخيص مقارنة بالفتيات.

 

الشرق

 

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق