طِفلي يُعانِي من صُعوبات تعلّم فَكيف أتعامل معه؟
سنابل الأمل / متابعات
عندما وصلت “أم هند” لمكتبي تشرح معاناتها مع طفلتها الجميلة التي تبلغ من العمر (10) أعوام بأنها تختلف عن بقية إخوتها وتُتعبها كثيرًا في ترغيبها بالمدرسة وإقناعها ببذل مجهود بالمذاكرة، وذكرت أنها لا تعرف أن تكتب إلا اسمها وكلمات معدودة وتتهرب دائمًا من تعلُم القراءة والكتابة، وتواصل.. لقد تعبت معها حتى أحضرت لها معلمة خاصة تنقذني مما أنا فيه وتحمل عني هذا الهم!
هذا الموقف القصير يحدث مع عشرات الأمهات اللاتي لديهن أبناء من ذوي صعوبات التعلم، فهي لا تعرف من أين تبدأ وكيف تبدأ، وينتهي بها المطاف للجوء للتعامل القاسي الذي لا يخلو من النهر والزجر.
في هذا المقال سيتم عرض بعض الطرق المناسبة للتعامل مع هؤلاء الأبناء سلوكيًا وأكاديميًا:
أولًا: تحاوري مع طفلك:
إن الحوار الإيجابي القائم على الأسئلة اللّطيفة اليومية يُساعدك في فهم وكشف جميع المشكلات التي يعاني منها الابن، فقضاء وقت من (10) إلى (15) دقيقة كل يوم بعد الرجوع من المدرسة كفيل بأن يُقوّي العلاقة بينك وبين ابنك، ولا تكون هذه الأسئلة على سبيل التحقيق وبأسلوب سلطوي يجبره على الإجابة، أو يجعله يلجأ لتغيير الحقيقة، بل يُفضل أن تبدأ الأم بتذكّر مواقفها والتحديات التي مرت بها وتذكرها لابنها ليشعُر بالأمان وأن هذه المشكلات قد تحدث مع الجميع فيسهل الإفصاح عنها، ومن هذه الأسئلة:
– ما أجمل شيء حصل لك اليوم؟
– مع من قضيت الفسحة اليوم؟
– هل حصل شيء اليوم أحزنك، ما هو؟
– لمن قدمت مساعدة اليوم؟
– هل حصل لك أمر جعلك تفخر بنفسك؟
– من المعلم المفضل لديك. ولماذا؟
– ما المادة التي لا تحبها، ولماذا؟
– قل لي موقف أسعدك اليوم.
بعد الوصول لعالم طفلك الخارجي عزّزي مواقفه الإيجابية وافخري بكل عمل يقوم به، وعند اعترافه بمشكلةٍ ما، حاولي تهدئة الأمر والتواصل المباشر مع الموجه الطلابي لإيضاح الأمر وحلّه، ومن خلال إجاباته ستعرفين مصدر المشكلة الأكاديمية هل هي بالفعل صعوبة فهم أم أن أسلوب المعلم له دور في عدم رغبة الطفل بدراسة المادة والغياب عن هذه الحصة بالتحديد، ومن خلال هذا الحوار أيضًا ستكتشفين مستوى شخصية طفلك هل يُمكن أن يحمي نفسه ويُدافع عنها أم لا؛ لذا لا تُهملي جانب الحوار الدائم واختيار الوقت المناسب له.
ثانيًا: تعرّفي على جوانب القوّة لدى طفلك:
لا يوجد طفل لا يتمتع بأي جانب من جوانب القوة، وليس المقصود هنا أن يتفوّق في مادة معينة، فالتفوّق ليس هدف بحد ذاته، بل إن هناك جوانب قوة أكاديمية وسلوكية وفنيّة عند الكثير من ذوي صعوبات التعلم –على سبيل المثال- التمكن من المهارات الفنية ومنها الخط الجميل، الصوت الرائع، الرسم المُعبّر، كما يتمتع البعض بمهارات اجتماعية عالية كالقدرة على تكوين علاقات ناجحة، والقدرة على الإلقاء وإدارة الحوار وغيرها من المهارات، بعد اكتشاف نقاط القوة هذه اعملي على تنميتها حتى لو لم تكن ذات طابع إبداعي، يكفي أنه اختار مهارة يُمارسها وقت فراغه، واجعليها وسيلة للتعزيز إذا أدى المهام المطلوبة.
ثالثًا: اكتشفي نمط التعلم لدى طفلك:
لكي يستمر الطفل بالتعلُم معك، وتنجحين بزيادة دافعيته للمذاكرة، اكتشفي نمط التعلم لديه واسألي نفسك:
هل طفلي سمعي؟ أي يتعلم عن طريق الاستماع للدرس والتلقين ويتذكر تلك المعلومات التي سمعها أكثر من تلك
التي قرأها؟ أم أنه بصري؟ أي يتذكر المعلومات ويسهل عليه استرجاعها عندما يراها كصورة ويقرأ عنها؟
أم أن طفلي حركي؟ أي يُحب أن يُذاكر وهو يتحرك ويلعب ويمشي في أرجاء المنزل؟
لتصلي للطريقة المناسبة التي يرغب الطفل أن يتعلّم من خلالها عليكِ أن تسأليه ما الطريقة التي تفضلها؟ أو تُجربي معه هذه الأنماط وتكتشفي الطريقة المُثلى، ليشعُر بالارتياح أثناء التدريس.
ومن أكثر الأخطاء شيوعًا عند تدريس الأمهات لأبنائهن مايلي:
– عدم تهيئة المكان المناسب للتدريس، فقد يكون الجو مزعج بصوت التلفاز ومقاطعة التدريس بمكالمة هاتفية.
– عدم جدولة وقت واضح للتدريس.
– عدم الاهتمام بفترات الراحة، وإلزام الطفل بالدراسة لوقت طويل متواصل.
– البدء بالمادة الصعبة وعدم الانتقال لمادة أخرى إلا بعد الانتهاء منها.
– تركيز الأم على النتيجة وعدّ الأخطاء وتصحيحها، ولا تُعطي الطفل مساحة كافية من التعزيز الذي يستحقه، كإنهاء المهمة بوقتها المحدد، أو ترك المكان نظيفًا، أو شكره على خطه الواضح.
وينتج عن تلك الأخطاء عدد من المشكلات:
– ظهور عناد الطفل ورفضه لأداء الواجب المدرسي، وغالبًا يعود السبب لخوف الطفل من الفشل في أداء الواجب أو سوء أسلوب الأم في التدريس.
– شعور الطفل بالقلق عند قرب وقت التدريس، والتظاهر بالإعياء والتعب.
– سوء علاقة الطفل بالأم جرّاء أسلوبها في التدريس.
ذوي صعوبات التعلم بحاجة للدعم طوال سنوات الدراسة وهذه الفترة تطلّب علاقة جيدة سواءً مع الأم أو المعلم، فعند سؤال الكثير من الطلبة: من المعلم المفضل لديك؟ الإجابة وبدون تردد ذلك المعلم الذي يُعطي فُرصة أخرى ويقدّم أهمية العلاقة الشخصية على أهمية المنهج، وأنتِ كذلك لا بد وأن تحرصي على بناء علاقة متينة، ولا تسمحين للمهام الدراسية بالتحكّم في مستوى العلاقة مع طفلك.
فالهدف الذي لم يتحقق اليوم سيتحقق غدًا، والعشرة أخطاء التي ارتكبها اليوم ستكون غدًا ثمانية، فقط امنحي طفلك فُرصة للتحسين ولا تستعجلي التقدُّم.
حياة