سنابل الأمل/ متابعه
لا يمكن أن ننكر، في عصر تطور العلوم، أن للتلفاز تأثيرا سلبيا على الرضع والأطفال، إذا ما تعرضوا لمحتوياته بصفة دورية ولوقت طويل، حيث يمكن أن يبطئ عملية التطور الحسي والحركي، ويمتص القدرات..فقد نجد عدة مشاكل لدى الرضيع أو الطفل المدمن على مشاهدة التلفاز، كعدم قدرته على الانتباه إلى بيئته، وفقدانه التركيز.. وقد تظهر بعض العلامات التي تدل على ذلك أيضا، من خلال تأخر الكلام، والتراجع الدراسي في المستقبل، وحتى الضعف في بعض الحركات، كالمشي والأكل بمفرده، بينما تنفق العديد من الأمهات جهدا لمحاولة فهم ما إن كانت هذه أعراض توحد، وهل فعلا التلفاز يسبب هذا المرض.
خلال دراسة العلاقة بين الشاشات وظهور التوحد عند الرضع والأطفال، ظهرت العديد من النتائج والحقائق العلمية المنطقية، واتضح أنه وحتى اليوم لم يثبت أمام الباحثين والعلماء أن التلفاز لوحده هو المسبب الرئيس لظهور هذا الاضطراب. في السياق ذاته، ظهر أن الأطفال الخدج الذين يولدون قبل الأسبوع السابع والعشرين من الحمل، تزيد احتمالية إصابتهم لاحقا، إذا ما سمح أهلهم بتعرضهم للشاشات قبل بلوغهم السنتين، كما أن هناك عوامل أخرى، كالجينات والوراثة، ترفع احتمالية التوحد أيضا، حيث إن وجود طفل مصاب به في العائلة ذاتها يعتبر تهديدا، خاصة إذا كان من جنس ذكر، فالإناث أقل عرضة للتوحد من الذكور بأربع مرات، بحسب الدراسات.
تجربة رانيا، 21 سنة، مع ابنها الأول، دليل ملموس على ما جاء في هذه الأبحاث: “عندما بلغ ابني، باسيم، سن ستة أشهر، لاحظت أنه لا يبتسم ولا يصدر مناغاة أو أيا من ردود الفعل، عندما ألعب معه أو أداعبه.. وبما أنني لا أفهم في شؤون التربية، أخذت أعرضه للتلفاز وألاحظ ما إن كان يتفاعل، فاكتشفت أن الألوان والأصوات العالية تثيره.
ببلوغه الشهر التاسع، زادت مخاوفي عندما أصبح يغفو أمام التلفاز سريعا، وكأنه فاقد الوعي، ولا يقلد الأصوات أو الحركات.. وعندما ذهبت به إلى أخصائي، أخبرني أنه في حالة متطورة من التوحد، كان ابني مصابا، وأسهمت أنا بجهلي وباستخدام التلفاز في تعقيد حالته”.خبراء وأخصائيون: “هذه مسببات التوحد الرئيسة”قضى جيل الثمانينيات والتسعينيات طفولته أمام شاشات التلفزيون، بين رسوم كارتونية هادفة ومسلية، وحصص وبرامج، وأفلام سهرة تجتمع حولها العائلة، يبدو أن الأمهات لم يكنّ في حاجة إلى مربيات ولا إلى مرافق ترفيه أخرى في الحي.. مع هذا، لم نسمع كثيرا عن حالات التوحد هذه.فقد كبر الأطفال وهم يحفظون أغاني رسوم الأرضية، وسبايستون، لشدة مشاهدتهم إياها وتقمصهم شخصياتها، ما يثبت في الواقع أن علاقة التلفاز باضطرابات العصر ربما وهمية، أو لنقل ضئيلة. تشرح الأخصائية النفسية والأرطفونية، خالي كنوز: “كي لا نقول إن التلفاز بريء من اضطرابات الرضع والأطفال، فهو يسهم في عزلهم عن التواصل الصحيح مع محيطهم وتنمية مهاراتهم من البشر في السن المفترضة لهذا.
لكن التوحد ليس نتيجة تأثير التلفاز ولا الهاتف ولا أي شيء مادي آخر لوحده، فتقدم عمر الوالدين قد يسهم في إنجاب طفل مصاب، وخضوع الأم للقاحات وأشعة وأدوية خلال فترة الحمل له دور في ذلك أيضا، وخروج الجنين إلى الحياة قبل موعده.. هي الأسباب الأكثر ترشحا، ما يعني أن عوامل أخرى، قد تؤدي إلى تفاقم الطيف، وتصعيب علاجه.
ولهذا السبب، نحذر من الشاشات، لأن أغلب الأولياء لا يلاحظون إصابة أبنائهم بالتوحد إلا بعد عمر السنة”.
الشروق