فاطمة المتوج: تجربتي في تدريب “سيدات الصم” جعلتني أدرك تميزهن عن الآخرين
سنابل الأمل/ متابعات
“الرياضة رسالة سامية وأسلوب حياة وليس مجرد ممارسة بدنية”.. بهذه العبارة اختزلت فاطمة المتوج تجربتها مع الرياضة، تجربة قادتها لتحقيق الكثير من الإنجازات، وليس آخرهم تأسيس فريق “سيدات الصم” كأول فريق رياضي لفئة الصم.
هذا الشغف والاهتمام بدأ منذ الصغر مع أول صديقة لها ورفيقة الطفولة نور ربيع، التي كانت من فئة الصم، فهي الملهم والدافع لها لبدء مشوار التدريب لهذه الفئة، إذ كانت تراقب النظرات الحائرة في عيني نور، وهي تجد نفسها عاجزة عن مشاركة زملائها في حصة الرياضة في المدرسة. كانت المتوج تتمنى مشاركتها؛ لأنها تجد أن لديها الموهبة والطموح لتطويرها، وأقنعت والدة نور، التي كانت قلقلة عليها بسبب عملية القوقعة بالمشاركة. كانت تشاهد فرحة صديقتها وهي تمارس الرياضة، وعزمها القوي للمواصلة في ممارسة شتى الرياضات، فتفرح لفرحها، فسعادتها تختزل فرحة كل فئة الصم.

الموضوع كله بدأ مع نور وتحول إلى فريق سيدات الصم بفضل نور. فتعلمت لغة الإشارة لتتحدث معها، وخاضتا معا النضال من أجل هذه الفئة، فأصبحت قضية الصم قضيتها. تجربة “سيدات الصم” جعلتها تدرك تميز هذه الفئة، فلديهن حاسة التركيز والدقة بمستوى عال؛ لتدخل عالمهن وتكون جزءا من همومهن وطموحاتهن وقضاياهن. “صحتنا” التقت مؤسسة ومدربة فريق “سيدات الصم” لتتحدث عن تجربتها معهن.
تحدثي عن فريق سيدات الصم من الفكرة حتى الإنجاز
الفكرة بدأت من نور ربيع وتوسعت لتكون فريق سيدات. كان لنور طموح بأن يكون للسيدات الصم فريق، ويشاركن وينجحن في المجال الرياضي كنجاح تجربتها في الرياضة. فهي تعرف الكثير من سيدات الصم ممن لديهن الموهبة والشغف؛ لكن لم يجدن الدعم والمساندة، فدعمت اقتراح نور وشاركتها هذا الطموح، فهي اقترحت الفكرة وبدأتها كأول فريق لسيدات الصم في البحرين، وبدعم وجهود اتحاد الصم، أصبح الفريق كاملا ومتكاملا.
ما أهداف فريق سيدات الصم؟
مشروع فريق سيدات الصم الرياضي يهدف إلى تمكين سيدات الصم من تعزيز مشاركتهن الرياضية وتحقيق الإنجازات الرياضية، ما يعزز من ثقتهن بأنفسهن وتعزيز الوعي المجتمعي بشأن قدراتهن وحقوقهن وبناء مجتمع يعزز المساواة، وتوفير بيئة داعمة، حيث يمكن للسيدات الصم التعبير عن أنفسهن بحرية، ما يوفر منصة لهن للتواصل والتفاعل مع بعضهن، وهو ما يعزز الروابط الاجتماعية.
ما طموحات فريق سيدات الصم المستقبلية؟
نسعى للمشاركة في المسابقات الرياضية العالمية، مثل الألعاب الأولمبية للصم، ونتمنى إنشاء أكاديميات خاصة لتعليم الرياضة للسيدات الصم، ما يسهم في تطوير جيل جديد من الرياضيين وتشجيع مزيد من سيدات الصم على الانخراط في الأنشطة الرياضية، ما يسهم في بناء مجتمع رياضي، والسعي لتحقيق إنجازات رياضية مميزة لتعزيز الفخر والانتماء، وبناء شراكات مع الاتحادات الرياضية والجهات المعنية؛ لتوفير الدعم والموارد اللازمة، وتطوير برامج لتأهيل مدربات متخصصات في تدريب السيدات الصم، ما يسهم في تحسين جودة التدريب.
عبر تحقيق هذه الطموحات، يمكن لسيدات الصم تعزيز وجودهن في المجال الرياضي والمساهمة في تغيير الصورة النمطية بشأن قدراتهن.
ماذا يقدم الاتحاد البحريني للصم لهذه الفئة؟
الاتحاد البحريني للصم يشارك في دوريات على المستوى المحلي والدولي في رياضات مختلفة، من كرة القدم والبولينغ وغيرها، وقد منح فرصة وتقدير لكل سيدة من فئة الصم لتحقيق الأهداف وتنمية المواهب، كما وفر مترجمة خاصة وهي زينب فايز، التي كانت جهودها واضحة في نشر الوعي وتعليم لغة الإشارة للجميع.
ما الصعوبات التي تواجهك مع فئة الصم؟
أبرز هذه الصعوبات أنني غير ملمة بشكل كامل بلغة الإشارة، فما أتقنه منها يشكل 70 %، ولكنني أعمل على تطويرها، فلغة الإشارة هي وسيلة التخاطب معهم. والصم درجات، فبعضهم يسمعون وبعضهم زارعو قوقعة، وبعضهم صم وبكم، فلذا أتحدث معهم بالإشارة وشفهيا.
وهناك صعوبة في الالتزام بوقت موحد للجميع؛ بسبب ظروف العمل والجامعة، ونعمل حاليا على وضع خطة لتتماشى مع الجميع بحيث يمكننا التدريب أكثر. فريق السيدات في البداية، وكل بداية فيها تحديات وصعوبات، لكن مع الأيام سيدات الصم سيتوجن بالبطولات.
ما الذي يميز فئة الصم عن الباقي في الرياضة؟
الصم يمارسون جميع أنواع الرياضات باختلاف وتغيير بعض القوانين لها؛ لتتماشى مع وضعهم. تدريبي لهذه الفئة جعلني أدرك مدى تميز فئة الصم عن الباقي، فيمتاز الأشخاص الصم في الرياضة بوجود شعور قوي بالانتماء والتعاون داخل الفريق، ما يسهم في بناء علاقات بجوانب عدة، وغالبا ما تكون لديهم قدرة أعلى من التركيز في البيئات الرياضية مع الدقة العالية، إذ لا تتداخل الأصوات المحيطة بهم مع أدائهم، ويعتمدون على لغة الإشارة مع المدربين وزملائهم في التواصل، ما يعزز مهاراتهم في التواصل، وقد يتطلب تدريبهم أساليب مبتكرة تضمن فهمهم للتقنيات والاستراتيجيات، ويتعلمون بسرعة كيفية التكيف مع ظروف مختلفة، ما يعزز من قدراتهم، ولديهم الموهبة ويحتاجون لمن يساعدهم للوصول فقط، وهم محبون للحياة، ويجعلون الكل محب للحياة من حولهم.
ماذا تضيف الرياضات للصم؟
تضيف لهم هدفا وطموحا، وتضيف لهم شغفا، وتعزز ثقتهم بأنفسهم، وتصقل شخصياتهم، وتجعل لهم دورا أكبر وفاعلا في المجتمع.
ماذا أضافت لك تجربتك مع الصم؟
تجربتي مع فريق نساء الصم أضافت لي العديد من القيم والخبرات المهمة، فمنها تعلمت استخدام لغة الإشارة، ما ساعدني على فهم أساليب جديدة في التواصل مع الآخرين، وأدركت التحديات اليومية التي تواجهها النساء الصم، ما زاد من تقديري لجهودهن وإرادتهن. ورؤية التقدم والنجاح في الأداء الرياضي زادت من ثقتي بنفسي وقدراتي، والعمل مع مجموعة متنوعة من الأشخاص علمني الصبر والقدرة على التكيف مع مختلف الظروف، وتعرفت على ثقافة الصم وأهمية تفعيلها في المجتمع، وأظهرت التجربة أهمية الدعم المتبادل.
رسالتك إلى فئة الصم وعوائلهم والمجتمع؟
فئة الصم فئة مميزة جدا، عندما يجدون أنفسهم في معزل عن المجتمع يشعرون بالغربة، فالمشاركة معهم وإدماجهم معنا سيشكل فارقا كبيرا، وهم باختلافهم مميزون، فعالمهم قد يكون صامتا؛ ولكنهم قادرون على الإدراك عبر لغة الإشارة، وقادرون على فعل المستحيل بمواهبهم، وعلى الجميع أن يتذكروا دائما، أن الإعاقة إعاقة الفكر وليس الجسد