في ظل التزايد المستمر لأعدادهم أطفال التوحد.. معاناة تبدأ مع الدخول المدرسي!

0 5

 سنابل الأمل/ متابعات

يشكل اضطراب طيف التوحد في الجزائر مشكلا رئيسا من مشكلات الصحة العمومية، وهو يصيب 450 ألف شخص حسب إحصائيات وزارة الصحة والسكان لسنة 2021، فمع كل دخول مدرسي تتزايد المخاوف لدى عائلات أطفال التوحد، وتطرح إشكالية التحديات المطلوبة لضمان تمدرس “الطفل التوحدي”، ومرافقته بما يعطي الأريحية للأولياء.

وكانت وزارة التربية الوطنية، من خلال مديرياتها الولائية الـ60، قد قامت خلال الموسم الدراسي الماضي 2023/2024، بعمليات تكوين مرافقي الحياة المدرسية، وتوظيفهم بصفة مباشرة بالمدارس الابتدائية الموزعة عبر الوطن، قصد تأطير ومرافقة الأطفال المصابين بطيف التوحد، وهي رتبة جديدة مستحدثة أدرجت ضمن مشروع القانون الأساسي الجديد لمستخدمي التربية.

وفي سياق هذا الموضوع، قالت فوزية باشا، نائب رئيسة المؤسسة الوطنية “الياس” للتوحد، إن عدد مرافقي الحياة المدرسية المكلفين بمصابي طيف التوحد، يمثل 400 مرافق عبر 48 ولاية، وهو عدد حسبها بعيد جدا عن الواقع الذي يعرف زيادة مستمرة لهؤلاء المرضى.

وأكدت لـ”الشروق”، أن بعض الولايات لا يوجد فيها مرافقون، وبعضها الآخر استفادت من مرافق واحد، موضحة أن عائلات كثيرة في الجزائر تعاني مع بداية الدخول المدرسي وخلاله، من غياب مرافقة أبنائهم المصابين بطيف التوحد، وهذا أمر يؤرقهم، لاسيما أن المرافقين من أقارب المريض لا يمكن أن يبقوا معه، خاصة أنهم غير مكونين ويعتبرون أشخاصا يشوشون ويثيرون عراقيل سير الدراسة والتعليم داخل المؤسسات التربوية.

وقالت فوزية باشا، إن 40 عائلة تقطن بالعاصمة تتواصل مع “الياس” للتوحد، بعضها لديها أبناء يدرسون، وعائلات أخرى تعاني جدا مع فلذات أكبادها المصابين بالتوحد المصحوب باضطرابات عصبية، وهو أمر صعب ويحتاج إلى مزيد من الجهود، وطرح الحلول.

مطلوب مدارس لاحتواء أطفال التوحد في الجزائر

وترى نائب رئيسة مؤسسة “الياس” للتوحد، فوزية باشا، الزيادة المستمرة في عدد المصابين بطيف التوحد في الجزائر، تستدعي التخطيط لعدم حرمان مثل هؤلاء الأطفال المصابين به، من الدراسة، خاصة حسبها، أن هؤلاء لديهم قدرات مذهلة وذكاء خارق، يجعلهم في حال مرافقتهم الوصول إلى أعلى المراتب، وإكمال مشوارهم الدراسي.

ودعت إلى التفكير في فتح مدارس خاصة بهؤلاء، مع زيادة عدد المرافقين المكونين، والمختصين في الأرطوفونيا، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، مشيرة إلى أنه لحد الآن لا توجد أقسام خاصة بأطفال التوحد.

وأكدت أن العائلات التي تتواصل مع “الياس” للتوحد، أكثرها تعلم أبنائها في مدارس خاصة، وتضطر لدفع على الأقل 3 ملايين ونصف مليون سنتيم شهريا، وهو مبلغ حسبها، لا يمكن أن توفره عائلات متوسطة الحال، أو التي لديها دخل ضعيف.

وأشارت فوزية باشا، إلى أن التكنولوجيا لعبت دورا مهما في مرافقة العائلات والتواصل معهم عبر التحاضر المرئي، كما أنها يسرت الاطلاع على مستجدات التوحد عبر العالم، من خلال تعامل “الياس” مع خبراء أجانب، مؤكدة أن أرقام التوحد في فرنسا وكندا تمثل 5 مرات الأرقام المتعلقة في الجزائر.

وقالت بشا، إنها متفائلة لمستقبل الأطفال المصابين بالتوحد العادي غير المصحوب باضطرابات ذهنية وعصبية، خاصة أنهم يستفيدون حسبها من التكنولوجيا، مضيفة أن هؤلاء ليسوا مرضى، بل أن لديهم فقط طفرة جينية تميزهم عن باقي أقرانهم.

الرعاية النفسية مهمة لإدماج طفل التوحد في المدرسة

وفي سياق الموضوع، قال الدكتور مسعود بن حليمة، أستاذ علم النفس العيادي بجامعة الجزائر، إن اغلب المصابين بطيف التوحد، هم أشخاص أذكياء وكثيرو الحركة، ولديهم قوة خارقة في السمع او الملاحظة، ولكن المشكل أن التعامل معهم بنظرة دونية أو على أنهم مجانين، هو ما يولد لديهم أزمات نفسية، ويعرقل اندماجهم وسط باقي التلاميذ.

وأكد أن طفل التوحد يحتاج مرافقة، وتفهما، وجعله يؤمن بقدراته، ويعيش في ظروف عادية، حيث أن عدم التفهم لوضع هؤلاء هو ما يؤدي إلى عزلهم وخلق مشاكل لسير تعلمهم.

وأوضح بن حليمة، أن التوحد يعتبر اضطرابا نمائيا يصيب الطفل خلال 3 سنوات الأولى، وهي مرحلة تحتاج إلى الاهتمام به أكثر، حيث يكون فيها المصاب غير واع تماما بما يحيط به، والمشكل المتعلق بأطفال التوحد، حسبه، هو رفض استقبالهم من قبل المراكز التأهيلية، والرياض التي تتجاهل استقبالهم، وأفاد أن بعض العائلات لديها نقص وعي وهي التي تضر بأبنائها ولا تستوعب بأنهم مصابون بطيف التوحد.

للإشارة، فإن لجنة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية بالمجلس الشعبي الوطني نظمت عام 2023، يوما دراسيا حول موضوع “تمدرس أطفال التوحد: واقع، تحديات وآفاق”، وقد تضمن برنامج هذا اليوم الدراسي عدة محاضرات حول “تمدرس أطفال التوحد: ضرورة التوفيق بين الدمج الشامل والجزئي”، “أثر الفعل التربوي والمحيط المدرسي في تأهيل التوحدي وإكسابه المهارات الفردية والاجتماعية”، “تمدرس الطفل التوحدي في ظل التشريعات والقوانين الجزائرية”، مع التطرق إلى مجهودات وزارة التربية في التكفل التربوي بأطفال التوحد، ومجهودات قطاع التضامن الوطني في التكفل بهم تربويا ونفسيا.

 

المصدر الشروق أونلاين

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق